Awate.com

آمالنا في المجلس الوطني ودور إثيوبيا في تحقيقها

كنت ختمت مقالي السابق الذي كان بعنوان ( مؤتمر أواسا أهم انجاز حققته المعارضة الإرترية ) بسؤال يتردد بعد المؤتمروهو هل المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي سيسقط النظام ويقيم حكما راشدا في ارتريا ؟ والعلم عند الله , فالبنسبة لإقامة حكم راشد بعد سقوط النظام اعتقد نحن في درجة من الوعي والنضج بعد تجارب كثيرة لعقود طويلة تحصننا ضد صوملة أخرى في القرن الإفرريقي ونجاح مؤتمر أواسا يعزز هذا الإعتقاد , ومن ثم فإن اقامة حكم يبسط بيننا العدل والمساواة سيكون مجداً نبني صرحه معا كما انجزنا الااستقلال في 1991 م ولكن كيف نسقط هذا النظام الجائرالذي اهلك الحرث والنسل ؟

نحن في الشهر الثالث من قيام المجلس الوطني الذي كان تكوينه في مؤتمر (أوسا) بالمحاصصة للتراضي بين الأطراف ولاخلاف انها دائما خصما من الكفاءة في ظل قلتها في المجتمعات النامية , لكنها قد تكون احيانا جسراً للتلاقي عند الحد الأدنى من متطلبات العمل الوطني في تلك المجتمعات التي نحن جزء منها , وتجاوزها يحتاج لبعض الوقت وجهود مخلصة من الجميع تؤدي الى تطور المجتمع في كل الإتجاهات والتحرر من كل القيود السالبة مع تجنب تنظيرات تحلق فوق الواقع ولا تلامسه . التحذير من تكرار اخطاء الماضي وشحذ الهمم لتذليل معوقا ت الحاضر امر واجب ومطلوب , ولكن لايجب تثبيط همة شعبنا الذي جدد ثقته في المعارضة بعد مؤتمر أواسا وما صاحب ذلك من ترويج لإخفاقات محتملة بجعل المحاصصة شماعة لها حيناً والتشاؤم المفرط حيناً اخر , وهوعمل ليس كله من شدة الحرص على المسيرة بل قد يكون مصدره صاحب النفس يسكنها إنهزام مزمن او تلك المتواطئة ضد التغيير وكل ذلك يعيق مسيرتنا فيلزم الحذر .

إسقاط النظام يعتمد على عدة عوامل اهمهما عاملان احدهما ذاتي يخص المعارضة وشعبها والأخر نصير خارجي و تحققهما ضرورة  تقربنا من النصر . ولذلك كانت اولى الخطوات في بناء تلك العوامل هو مؤتمر أواسا المتميز في تاريخنا لإكتمال القناعة عند كل طرف بقبول الآخر دون جدل وهو سبب نجاحه , وهذه لبنة أولى في بناء قواعد صلبة للتعايش السلمي في أي مجتمع , ولا يستغرب هذا من شعبنا الذي تطلع منذ الأربعينات من القرن الماضي الى اقامة حياة سياسية نزيهة على اسس ديمقراطية راشدة . إن هذا الفهم العميق والإرادة المتحررة من كل عقد الماضي وتشكيكات الحاضر اللذين تحلى بهما المؤتمرون في (أواسا) و بالتفاف شعبنا من حولهم هو العامل الأول الذي يعول عليه لإسقاط النظام ولن يكون ذلك الا اذا تسابق المجلس الوطني مع الزمن وقام بحشد كل الطاقات المنضوية تحته وفَعلَ كل مناشط العمل الجماهيري , والإعلامي والعسكري خصوصا بحيث يشجع على انفجار الوضع من الداخل , وبنفس المستوى يتم تفعيل التواصل بمختلف الوسائل مع (تنظيمات و افراد) الذين هم خارج المجلس استكمالاً لجمع الصف الوطني , وهذه الجزئية خاصة محك اختبار لقيادة المجلس وقد سبقته المفوضية بأنها استطاعت جمع اكبر عدد ممكن من فر قاء المعارضة الإرترية تحت سقف واحد للحوار كان من ثمراته المجلس الحالي الذي فرصته وإمكاناته ومسؤليته اكبر من المفوضية وتعقد عليه آمال كبيرة لتحقيق رغبة شعبنا في التغيير الإيجابي الذي نأمل ان تكون قربت ايامه . والتحالف الديمقراطي الذي هو عمود المجلس يستطيع وحده ان يبسط له الكثير من عوامل النجاح  فضلا أن تتضافر معه جهود بقية مكونات المجلس لتبحر سفينة المعارضة بقوة نحو أهدافها , فإن بناء عوامل النجاح للمجلس تبدأ منه . 

العامل الثاني الذي يعول عليه لإسقاط النظام هو النصير الخارجي وهو اثيوبيا بالدرجة الأولى وما يمكن ان تفتحه من آفاق للمجلس من خلال علاقتها الدولية المعتبرة . إثيوبيا تجاوزت بقيادة زيناوي عقدة وجودها على خارطة العالم دون منفذ بحري بقبولها الإستفتاء واستحقاقاته في 1991م كحل للقضية الإرترية التي كانت مقبرة حكام اثيوبيا السابقين وتهالك اقتصادها البدائي . وبهذا الفهم المتقدم شقت القيادة الإثيوبية الجديدة طريقها بنجاح نحو استقرار وتنمية بلدها المترامي الأطراف . كذلك نحن في المعارضة الإرترية تجاوزنا مرارات حرب التحرير وتبعاتها ونحترم حسن الجوار مع اثيوبيا التي تجمعنا بها كل أنواع الروابط جغرافية , اجتماعية , دينية و اقتصادية . العدو المشترك الأول لنا وللإثيويبين هو نظام اسياس الفاشي الذي اصبح شوكة حوت في حلقهم بتعهده للتخريب المستمر في عقر دارهم لتدمير اقتصادهم وزعزعة استقرارهم مسخراً كل امكانات دولته للمعارضة الإثيوبية وهذا واضح وجلي للعالم فضلاً عن اثيوبيا واخرها تلك الجريمة الشنعاء التي طالت السياح الأوربيين في إقليم العفر الإثيوبي في شهر يناير الماضي , وفي المقابل لم يذق شعبنا طعم الإاستقلال الذي حققه بتضحيات جسام وقد ادخله النظام في نفق مظلم من ظروف وأوضاع اسوأ حالاً من أيام الاستعمار حتى أصبح يترحم على ايامه  لشدة ما أصابه من تجويع وتهجير وذل واهانة على يد عصابة هقدف .

إن العمل ضد العدو المشترك يبدأ من القناعة بأن هذا النظام لن يحيد عن أهدافه ولن يتغير سلوكه ولا تجدي معه جرعات الإصلاح وفي إزالته سلامة كل شعوب القرن الإفريقي واقتصادياتها والعالم اجمع  . ومن هنا يجب على إثيوبيا إن كانت جادة على إسقاط نظام اسياس ألتعامل مع المجلس الوطني الممثل الشرعي للمعارضة الإرترية من منطلق علاقة إستراتيجية تفضي إلى كل أنواع الدعم المطلق , العسكري , لإعلامي , الدبلوماسي…الخ وهذا مانأمل فيه ونرغب مشاهدته على ارض الواقع حتى يحقق المجلس آمالنا في التغيير , وشعبنا سيحفظ لهم الجميل وسيرده باحسن منه . في نظري العلاقة القائمة حتى الآن بين إثيوبيا والمعارضة الإرترية هي علاقة تسكين لاتمكين ودعمهم الحالي لايثمن ولا يغني من جوع والمتمثل في الإعلام بنصف ساعة في التلفزيون بعد ركون الناس للنوم ولا تكفي لعناوين النشرة ناهيك عن تسليط الأضواء على الساحة الإرترية , وفي التسليح والتجهيز العسكري اقل من قطاع الطرق ثم الزهد والاستحياء من تقديم ملف المعارضة الإرترية في محافل إقليمية ودولية , فإن هذا نوع من الدعم لن يسقط نظام اسياس على الأقل في المنظور القريب و في الوقت نفسه يعطي مصداقية للرأي الذي تنباء به المراقبون منذ أن ولت المعارضة الإرترية شطرها نحو إثيوبيا – أن إثيوبيا لن تقدم لها دعما يمكنها من إسقاط النظام لأن غالبيتها من المسلمين بحجم الظلم لذي وقع عليهم وهذا يغلق زيناوي ورفاقه ويتعارض مع استراتيجياتهم مهما كانت درجة خلافهم مع نظام اسياس . ولكن النظام سيسقط بعون الله بتكامل عوامل سقوطه وقد نفدت كثير من عوامل بقائه وباردة شعبنا التي لا تعرف اللين وسيلحق في مزبلة التاريخ بمن كان قدوته امثال قذافي وغيره . والمجلس الوطني ومن خلفه شعبه إذا لم ينفرد بالتغيير فسيكون رقما يصعب تجاوزه على خلاف اشتراكه في التغيير مع قوة أخرى يمكن أن يرتب لها من خارجه , المهم هو تطوير أدائه دائما والحفاظ على وحدته وتماسكه في كل الأحوال ولكل الاحتمالات فإنه مكسبنا الذي استغرق تحقيقه قرابة عقدين من الزمن فلم يكن سهل المنال.

 deheshee@gmail.com

 

Shares

Related Posts

Archives

Cartoons

Shares