السياسة الإرترية والتنوّع … بين القول والعمل
حضرت في التاسع والعشرين من شهر أغسطس الماضي إجتماعًا بدعوة من منظمي منتدى بولونيا في أوكلاند . وكنت قد أعددت خطابًا باللغة الإنجليزية ، ولكنني قررت أن ألقيه باللغة التغرينية ، بدون التمسك بالترجمة الحرفية لما في الخطاب . لذلك لست متأكدًا ما إذا كانت كلمتي مختصرة أو مسترسلة ، ولكنني على ثقة بأنني غطيت الأفكار الرئيسة من الخطاب الإنجليزي المنشور أدناه .
للأسف هناك بعض المفسدين والحاقدين الذين يحتاجون إلى مساعدة للتعامل مع عقليتهم الإنتقامية المريضة ، لذلك أود في البدء ، أن اقدم لهم توضيحاً موجزاً لما إلتبس عليهم من أمري.
لقد رفعت ، على مدى عقود ، شعار المصالحة ، وبالتالي ، لم أكن أبدًا من المعجبين بالإجتماعات الحصرية التي لا تعكس التنوّع الإريتري . ومع ذلك ، لم أرفض المشاركة في أي اجتماع ، حتى مع المتعصبين والمنافقين ناهيك مع وطنيين حقيقيّن مثل مضيفيّ. وإذا رأيتُ خطئًا في هذا الجانب ، لا أخجل من الإشارة إليه . إنني أمقت أولئك الذين يفتقرون إلى الشجاعة والحكمة لتسمية الأشياء بمسمياتها ، وقد أشار إليّ البعض بأنّه كان يجب عليّ أن أتصدّى لإجتماع أوكلاند في اليوم الذي اكتشفت فيه أنني كنت المسلم الوحيد المدعوا من بين 21 من الأخوة المسيحيين في قائمة الضيوف . وبما أنني لم أفعل ذلك ، وفقًا لمنطقهم ، فإنّ إنتقادي لمثل هذه الإجتماعات في الماضي يعتبر نوعًا من النفاق . أسأل هؤلاء الهواة ، إذا سبق وعبروا في أي وقت مضى عن اعتراضهم على مثل هذه الاجتماعات التي حضروها ؟ لم يفعلوا ابداً ! وعلاوة على ذلك ، إن موقفي من الاجتماعات السابقة التي نظمها بعض المتعصبين (وليس كل الحاضرين) لم يتغير . وإذا كان دم بعض الأفراد يغلي لأنني بإشارتي للخلل اذكرهم بنفاقهم الأصلي في المناسبات المشار اليها أعلاه ، بأن ذلك هو مجرد إثبات قدراتهم ومعدنهم . على أية حال … في ما يلي خطابي
لماذا أنا هنا ؟ إنني هنا لأنني في كل مكان أدعى إليه في هذا النضال . وأنا هنا لأن هذا هو الدور الذي اخترته ، وهذه هي الطريقة التي أناضل من خلالها لسنوات وسنوات . هل يعني أنني أؤيد أي اجتماع أشارك فيه ؟ أو أي تكوين إريتري أراه ؟ بالطبع لا . وهل أشعر بإرتياج وانا اتحدث عن التنوع امام جمع لا يوجد فيه شئ من التنوع على الإطلاق ؟ بلا ، وإذا فعلت ذلك ، فتلك خيانة للقضية التي أناضل من أجلها . وعندما أرى العيوب في هذه الموضوع ، يجب أن أذكرها . ولا يروق لي كوني المسلم الوحيد من بين 21 فردًا من “المدعويين” أو “المتحاورين” ، ومن بينهم أناس أحترمهم كثيرًا . ومع ذلك ، يوجد في هذه القاعة أصدقاء لي ، وحلفاء مقرّبين ، وبينهم حلفاء محتملين ، ووجوه إريترية جميلة أحبها واحترامها . ولكن لا بد لي من التأكيد على بعض الأشياء : أعترض على الدعوات الرمزية حتى وان قبلت أنه ليس بسبب عدم وجود نوايا طيبة . أفهم أيضا بأن هذا الخلل ليس ذنب منظمي هذا اللقاء ، ولكن من امراض اختلقها نظام إساياس الحقير الذي ابتدع سياسة الاستقطاب ، وتفتيت ، واضطهاد الإريتريين ، ثم خلق المسافات بينهم وزرع عدم الثقة بين مكونات ارتريا. وأنني اتلمس النيّة الحقيقية والإرادة من مستضيفي هذا الاجتماع لتوسيع تنوع الحضور ، وأعدكم بأنني سأحاول مساعدتهم ، وأي مجموعة أخرى ، لجعل اجتماعاتها أكثر شمولًا وتمثيلًا للوجه الحقيقي لإريتريا.
اسمحوا لي أن أأخذكم إلى الوراء ، إلى أيام صغري.
عندما كنت صغيراً ، كان هناك جندي إثيوبي اسمه (مكونن) يهرّب الأحزمة العسكرية ، والسترات ، وأشياء أخرى من المخيم ويبيعها لـ (محمد) الذي كان يمتلك متجرًا في حارتنا ، وهو رجل ودود ومحبوب كثيرًا ، وكان شباب الحارة يتسكع في متجر محمد. وكان مكونن الجندي الإثيوبي دائما يحدثنا عن مغامراته وشجاعته في المعارك الأخيرة ضد (قطاع الطرق) ، جبهة التحرير الإرترية ، ويتباهى كيف أنّه قاتل ببسالة . ثم يذهب مكونن ، بعد حصوله على المال مقابل الأشياء التي باعها لمحمد ، إلى أقرب حانة لشرب الخمر . في إحدى الأيام حاضرنا بإسهاب وحماس عن عظمة هيلي سلاسي ثم توجه إلى أقرب جدار من حيث كنا نقف وبدأ بدفعه بكل ما أُوتي من قوة . وبعد ذلك توقف والتفت إلينا موجهًا سؤاله بالأمحرية
Gdgddaw tenqesaqese
أي ، هل تحرك الجدار ؟
فجميعنا أشرنا برؤوسنا وقلنا له بأن الجدار لم يتحرك ! فأبتسم مكونن بإزدراء وقال ، ” إن هيلي سلاسي مثل ذلك الجدار سوف لن يتحرك مهما حاول قطاع الطرق ، و أن محاولاتهم هي عبثية “. ة .
لقد تعلمت درسًا من ذلك الإستعراض ، و سأعود إلى ذلك لاحقًا.
لا يمكن لأحد أن يشك بأن الإريتريين يؤمنون بالتنوع ، على الأقل الغالبية العظمى منهم . ونحن نعرف أن هناك بعض الذين يقومون بتصريحات جوفاء عن التنوع دون دعم تلك التصريحات بعمل أو إجراءات ملموسة ، لأن الموضوع لا يُعالج بمجرد خُطب وتصريحات فارغة. ولكن ، لماذا فشلنا في ارساء اسس التنوع القومي لدينا ؟ لماذا فشلنا في أن نكون أقرب إلى بعضها البعض كمواطنى ارتريا ونحن كونّا علاقات مع أعراق وجنسيات أخرى ، بعضها لم نكن نعرف بوجودها حتى أتينا إلى بلدان المنفى ؟ هل عملنا بجد لتدارك هذا القصور المحرج ، هل حقًا فعلنا شئ حيال ذلك؟
ليس هناك شك في أن البعض منا قد اهمل عائلاته من اجل هذا النضال. البعض منا افتقر به ، والبعض منا قد قضى كل حياته في النضال. تضحيات كثيرة بالمال والوقت والصحة ، وضياع الانجازات الشخصية المحتملة و المؤجلة، ضخمة جدًا. ومع ذلك ، فإن النتيجة هي في غاية السوء . فتخيلوا ساعات العمل التي نقضيها في هذا النضال . فبدلًا من ذلك إذا عملنا جميعًا في تقليب الهامبرغر في المطاعم ، بحد أدنى من الأجور ، أعتقد بأننا كنا جمعنا المليارات من الدولارات . أما إذا كنا قد ذهبنا إلى المدارس في الساعات والسنوات التي استهلكناها أو قضيناها في هذا النضال ، لكنا أكثر المجتمعات تعليمًا أينما نقيم . وإذا كنا لزمنا منازلنا ولم نفعل شيئا ، لكنا قد استرحنا ووفرنا مبالغ هائلة من المال . تخيلوا إن المجيء إلى هنا كلفني حوالي أربعين دولارًا ، فقط على المحروقات ولوازم السيارة . لقد جئت في السنوات الخمس عشرة الماضية إلى هنا وأماكن أخرى مئات المرات ، ان المبلغ الذي نصرفه يحيّر العقل وكثيرين منكم في هذه الغرفة قد فعلتم الشيء نفسه ، وضحيتم بوقتكم ومالكم ، وعواطفكم من اجل النضال . ولكن ، ما هي النتيجة ؟ كيف يمكن أن نبرر ذلك ؟ لسوء الحظ ، مثل أشياء اخرى كثيرة في الحياة ، لا يمكن تبرير جميع التكاليف التي تكبدناها بمقارنتها بالإنجازات . لا يمكن التوفيق بين الإثنين ، ويمكن على محاسب مبتدئ ان يظهر هذا الخطب الجلل ؟ أين ذهب عرقنا ومجهودنا ؟
هل تتذكرون الدرس الذي تعلمته من مكونن ، جندي الطور سراويت ؟
ان تعريف العمل هو ” النشاط الذي ينطوي على جهد عقلي أو جسدي من أجل تحقيق هدف أو نتيجة. “ ولذلك إنفاق المال أيضًا هو عمل ، لأن الأموال التي ننفقها نحصل عليها مقابل العمل . وبالتالي ، وفقًا ل ” فرضية “ الجدار الغير قابل للتحرك ، و التي تم ترقيتها الى ” نظرية مكونن “ ، فاذا ذهبت إلى هذا الجدار ودفعته لمدة ثماني ساعات يومياً ، خمسة أيام في الأسبوع ، لمدة سنة كاملة ، فأن قيمة مجهوداتي الأفتراضية تبلغ حوالي 22,000 دولار ًا ، اذا افترضنا بانه كان يمكنني ان اعمل في مطعم الهامبورغر ذلك . ترى! هل يشك احد في نيتي أن ادفع هذا الجدار ؟ ثم ، إذا جئت إلى هذا الاجتماع واشتكيت اليكم قائلًا: ” لقد عملت جادًا لدفع هذا الجدار لمدة عام ولكنه لم يتحرك!“ ماذا كنتم ستقولون لي ؟ هل من الممكن أن تنصحوني بالإستمرار على الدفع بنفس الطريقة ، وأنه يوما مًا سوف أكون قادرًا على اختراق الجدار ؟ أو ، هل كنتم ستضحكون على حماقتي ؟ أو ، ربما كنتم ستتقولون لي بأنني اتبع طريقة غير مجدية ، وتشيرون إليّ أن أتستخدم الأدوات الصحيحة. ربما شخص ما من شأنه ان يأتي بمطرقة ويثبت لي مدى كفاءة المعدات ويبرهن لي بأنه يستطيع أن يحطم الجدار في بضع دقائق !
وها نحن نحاول إزالة الجدار عن طريق دفعه بأيدينا العارية .
أيها السيدات والسادة ، نحن نسعى لحل قضية التنوع باتباع ” نظرية مكونن .“ وكلكم يعلم بأنه لو كان الإريتريون اتبعوا هذه النظرية لما تمكنوا من دفع كلا من نظام هيلي سلاسي ونظام الدرق بعيدًا ، لما نجحنا في إزالتهما ابداً . نحن لم نواجه رأس جيوشهم مباشرةً ، على الأقل ليس قبل أن نقم ببناء جيش قوي يمكنه المواجهة المباشرة . فبدلًا من ذلك ، اتبعنا تكتيكات حرب العصابات ، قوات صغيرة العدد تتنقل بسرعة ومرونة ، ومنضبطة ، والأهم من ذلك ، وحدات لها مباديء ومواتية للقيام بالدفع التدريجي ، مقاتلين ابطال يقدمون ارواحهم حتى يعيش رفاقهم ، مجموعات تشارك في اكل الطعام معًا اذا وجدت منه القليل . والآن ، لا يمكن حل مشاكل التنوع التي نعاني منها دون الرجوع إلى القيم الأصيلة ، قيم الأمس التي ساعدتنا على تحقيق الاستقلال ، دون النزعات والميول إلى الديكتاتورية ، ودون عدد من قادتها الأنانيين ورئيسها المغتصب .
نحن فشلنا في أن نكّون مجتمع متنوع لأننا لم نحتضن فكرة التنوع تماما . نحن لم نتقبل فكر التنوع الذي بقى مفهوما غامضا في أذهاننا ، لم نفهم التنوع بشكل صحيح وكامل حتى نرتقي به إلى عمل وواقع ملموس.
خلال حقبة النضال ، كانت هناك برامج التقيف السياسي لتوحيد الآراء ، ومن لم يكن يقبل تلقين التنظيمات فما كان عليه الالتحاق بها ، اما في النضال الحالي ، كيف يمكن ان نثقف الجميع برؤية موحدة حول التنوع ؟ بالطبع لا يمكن . فلذلك اصبحنا خلايا مستقلة لن تنضم لبعضها البعض لتصبح جسما أكبر . ولمعالجة ذلك ، أرى بعض الناس يأتون ببرامج تدريبية خاصة بالشركات ويعرضون الأفكار بأسلوب سمج لتوعية الناس ، لتحفيزهم ، وهو أمر يقوم به معلمون مثل الدكتور برخت لسنوات طويلة . ولكن الوضع في النضال الحالي مختلف ، وان المحاضر في هذا الصراع لا يمكنه طرد الطلاب الذين ليسوا على استعداد للالتزام بقوانين المدرسة، أو الصف . هل لأحدنا سلطة أستاذ لتأديب أعضاء المعارضة ؟ هل يمكن لأي شخص ادارة المعارضة على أساس الانضباط العسكري ؟ وإذا حاولت تثقيف الناشطين ، سوف يقول لك احدهم بأن الوصول إلى المعرفة هو مسافة ضغط ذر يوتيوب ، وهناك مقاطع تعليمية متوفرة ، ولا يرى فائدة في ما تفعله . وحتى وعندما يقوم شخص ما بإلقاء كلمة ، أننا ندور في دوائر مفرغة ، لقد تعودنا اما ان نتكلم بتخوف وتوجس او بأسلوب يفقد اسس الإحترام . فالتنوع شئ ملموس وأنه يمكن أن يكون موضوع حساس ، فلذلك يجب علينا ان نتحدث عنه بصراحة ، وأفضل ما يمكننا فعله للتغلب على هذه المشكلة هو مناقشة الموضوع بصراحة وصدق . عندها فقط يمكننا أن نعي ضخامة المشاكل و نشارك في حلها ، بدلا من الإصطدام برؤوسنا بالحائط لأننا منزعجون من الأعراض .
الجميع مفقود من هذه الندوة إلا أهلنا من المرتفعات ، وربما ممثلين طوعيين لبعض الجماعات الأخرى. وبعض الجماعات الأخرى ربما أرسلت سفراءها هنا ، ربما متحدث ساهو واحد ، بني عامراوي واحد ؟ كلا! البلين قد تكون ارسلت سفيرا ، أو اثنين . يرجى الاسترخاء! فلا بأس أن يسخر المرء من نفسه ووضعه الضعيف ، لا أحد يملك الكمال إلا إذا اأصر بأنه غير كامل. والاريتريون هم الكمال نفسه ؛ وإذا كان أي شخص يشك في ذلك ، فانه يواجه خطر اتهامه بأنه إرتري مزور!
لماذا هذه الغرفة مليئة بالمتحدثين ” بالتيجرينية “؟ لماذا يبدو الإجتماع وكأنه اجتماع تعاوني لقرية ؟ انني على علم بأنكم ذهبتم للتسوق بحثاً لأفراد من المجموعات الأخرى ، وأنكم فشلتم. ولكن إذا كنتم نجحتم ، عن ماذا كنتم ستناقشون ؟ النضال السلمي وغير السلمي ؟ طلب العمل بالدستور مثلا؟ فليتوقف اللجوء؟ الإدارة الديمقراطية؟ والخ…
إنني اعتنق كل تلك المطالب بصفتها الوطنية ، وليس كمطلب إقليمي أو طائفي . ولأنني أرى في ذلك أجندة وطنية ، فإن القضايا التي تهم الآخرين ينبغي أن تعالج على حد سواء. إذا انتم منهمكين في مسائل محدودة ، ونسيتم قضايا الأرض ، وقضايا الثقافية ، و مآسي اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في السودان على مدى عقود ، فأن الإريتريين الذين ليسوا هنا معنا سوف يقولون لكم: حسناً، أمضوا قدما في حل مشاكلكم وسوف نهتم بحل المشاكل التي تعنينا .
انني احضر اجتماعات لمجموعات إريترية أخرى وهي قليلة بالمقارنة مع هذا ، وفي الغالب هي تجمعات اجتماعية خاصة في الأساس ، فهناك لا أحد يذكر اللاجئين باستثناء هؤلاء المظلومين الذين يقبعون في معسكرات اللجوء السودانية منذ عقود ن ولا أحد يذكر بادمي . فنحن نعيش في عالم مواز ، وما لم نجلب تلك الأكوان المتوازية معا ، في تحد للقوانين الهندسة ، حيث خطين متوازيين لا يلتقيان أبدا ، فإنه محكوم علينا بالضياع اكثر فأكثر . سندفع بالجدار وسوف لن نكون قادرين على تحريكه . دعونا نستخدام المطرقة لسحق الطوب وكسر الجدار أو هدمه !
إنني مؤمن بأن الإريتريين طيبين بطبيعتهم، ولكن مثل كل البشر وليس لأنهم إريتريين ، أو من فصيلة بشر خاصة . علاقاتنا الداخلية ، على المستوى التقليدي قوية أكثر مما يتصوره المرء . علاقاتنا الإقليمية والطائفية عميقة ومتجذرة في تاريخنا ، ولدينا آليات حل النزاعات التقليدية وهي فعالة جدا . دعونا نترك التخويف والترويج جانبا ، و لكن لا ينبغي لنا أن نترك شقوق مفتوحة يمكن من خلالها ان يتسلل امثال داعش ومثيلاتها فيعيثوا فسادا في بلادنا .
من المهم أن نجد ملجأ ، ويجب علينا ان نرتد إلى تقاليدنا ، وثقافتنا ، وقوانين التعايش التي خدمت مجتمعاتنا منذ قرون ، ان كان في الأوقات الطيبة أوالعصيبة . صحيح ، قوانيننا التقليدية غير ديمقراطية في طبيعتها و أنها غير عادلة ، خاصة للمرأة . ولأنه لدينا مشاكل سياسية واجتماعية وطنية ، علينا أن نتعامل معها من خلال سن القوانين الشاملة ، وإيجاد دستور هو احد هذه القوانين . ولكن لا نيأس، لدينا تجربتنا كوطن من عصر النضال نتمكن من محاكاتها بقدر ما نشعر بالقلق من التعايش السلمي . ومع ذلك ، علينا أن نعترف بأن مجتمعاتنا ، وخاصة كثير ممن في الشتات ، هو جاهل تماما عن الثقافة الإريترية في ما يخص التعايش . وأن ذلك الجهل أصبح عبئا ثقيلا يحتاج إلى معالجة .
في الغرب ، أرباب العمل وأصحاب عقارات الإيجار ، وحتى ممولي شراء السيارات ، يطلبون سجل التاريخ الإئتماني لمقدم الطلب . وقد عانى الكثير من فاتورة غير مدفوعة الأجر أو متنازع عليها لأنهم لا يعرفون كيفية تصحيح ذلك ، وتطاردهم المشاكل وكأنها كابوس . على أية حال ، ينطبق سجل التاريخ الإئتماني مع أشياء كثيرة ، ليس فقط عند استئجار مكان أو طلب وظيفة . فإن العناصر التي لديها درجة إئتمان مننخفضة في تاريخها النضالي وفي معرفتها بالواقع الإريتري اصبحت حمل وعبئ على النضال ودئما تجره الى الوراء . إذا كان أحد يناضل لنفسه ، و بنفسه أعني مسكنه الحالي في الغرب أو الشرق ، فإن الإختيار بين أنواع الكم السويدي أو الأمريكي ، على سبيل المثال ، ليس من اهتمام الشعب الإرتري و لا من أهداف وأولويات النضال في هذا الوقت.
لتعجيل انتصارنا على نظام أساياس ، يتوجب علينا النضال بتفان لصالح الملايين في إريتريا . أما إذا نحن نكافح لأسباب أنانية ، فإننا سوف نقدم خدمة كبيرة للنضال إذا سحبنا انفسنا من النضال وقررنا الخروج منه ، وعندها ، يمكننا لف جسدنا بقماش يقينا من البرد ، ثم نحتسي القهوة دون توقف ، أو نتنطط من ملهى ليلي الي آخر ، أيا كان خيارنا. فإنه لم يتم خوض هذا الكفاح من أجل مقراتنا في الشتات مثل الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا والسويد وقطر وغيرها من أماكن المنفى التي يتوهم الكثيرون بانها محافظات ارترية . مواطننا الجديدة المعتمدة ليست امتدادا لإريتريا ، انها أراض أجنبية ذات سيادة ، فلا توجد محافظات ارترية في الشتات كالذي نعيش فيه ، فلنتصالح مع ذلك. فيجب ان يكون المستفيدين من هذا الصراع هم الإريتريين في إريتريا ، أولا. باختصار ، يجب على نتائج نضالنا ان تعود بالنفع على الشعب الإريتري أولا. أما نحن في الشتات يمكن أن نستفيد بالترابط والأمتداد ، أو في حالة العودة الى ارتريا ، لأنه أغلب الإرتريين استقروا في بلدان اخري وليس لديهم نية العودة ، بغض النظر عما إذا كان إساياس يحكم ارتريا أو غيره.
وأخيرا ، لا بد لي من تقديم علاج خاص بي أعتبرها علامة مسجلة خاصة بي ، أوصفها للجميع كل ما تحدثت عن التنوع الإرتري .
أتحدى الجميع هنا مراجعة دفتر العناوين الخاص بهواتفكم النقالة ، وملاحظة ان كانت القائمة الخاصة بكم متنوعة. لا يجوز اعتبار اسماء الأقارب وزملاء العمل لأن المرء لا يختار هؤلاء . إنني أعتبر قائمتي تاج أرتديه في هذه المرحلة من الكفاح بكل فخر واعتزاز . لدي قائمة متنوعة ، وأنا أعرف البعض هنا لديهم قوائم مماثلة. ولكن اعتقد ان معظم القوائم سوف تبدأ بتسفاي وتنتهي بدانئيل ، تماما مثل القوائم الأخرى التي تبدأ بعبده وتنتهي بإدريس. ليس هذا الحال بمعظم قدامى المحاربين في النضال ، وبالتأكيد ليس في إريتريا . هذا هو أساسا مرض استعصي في الشتات . لذلك ، ارجو أن تحاولوا توسيع القائمة الخاصة بكم ، لتكون متنوعة ، وذلك لمعرفة ما يفكر فيه الإريتريون الآخرون ، واعتبار ذلك فرصة للعلم بما يعانيه الآخر ، وبمجرد أن نفعل ذلك ، إنني على ثقة بأننا سوف لن نحتاج إلى الحديث عن التنوع لأنه سيكون واقعاً .
وشكرًا
Awate Forum