هذا كان ظني بك وبرفاقك يا إبراهيم
سرتني المقابلة الناجحة التي أجراها الأخ / محمد أحمد ناخودة عبر موقع “عونا” المتميز، مع المناضل / إبراهيم هارون، رئيس التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر التي بددت مخاوف أبناء وطنه من هذا التنظيم الوطني، وهي مخاوف ليس سببها العفر، إنما سببها مشيئة الله التي تمثلت في الجغرافيا التي أوجدت العفر في ثلاث دول متجاورة من القرن الأفريقي: (ارتريا ، أثيوبيا ، جيبوتي) . وتبلغ درجة المخاوف مداها عند ما تكون السلطة في إحدى الدول الثلاث أو كلها في يد طاغية مثل اسياس، وكذا عند تعارض مصالح ومنافع تلك الدول التي تحتضن كل منها جزءا من العفر، ومعلوم أن الموقع الجغرافي للشعوب له تبعات قد تكون نعمة أو نقمة، ومن حق العفر أن يعملوا للاستفادة من مواقعهم المتميزة من أجل تنمية وتطوير مناطقهم ورفاهية أبناء قوميتهم، وهم يدركون مسئوليتهم الجسيمة في استقرار الأوضاع في الدول الثلاث حتى ينعم الجميع بالسلام الذي هو عماد بناء الأوطان.
والواضح أن تنظيم العفر يتميز من بين معسكر المعارضة الارترية بضرباته الموجعة لنظام (هقدف) البغيض مما يدل على فهمهم المبكر للغة التي يفهمها نظام (هقدف) وهو الخيار العسكري الفعال، وبذلك اختصروا الزمن والمسافة لنضالهم كما أكد ذلك رئيس التنظيم في المقابلة ، وهذا بلا شك وضوح في الرؤى والاستراتيجيات.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أشيد وأبارك بالتنسيق الناجح بين تنظيم العفر وجبهة الإنقاذ الارترية الذي نتج عنه الضربات المتوالية على نظام الشعبية الفاشي.
وكان يجب أن يكون الخيار العسكري هو الخيار الأول لجميع تنظيمات المعارضة الارترية، وخاصة التنظيمات الداخلة في جبهة التضامن والقريبة منها ولكن (يا ليت قومي يعلمون).
إن وثيقة العهد الارتري التي طرحت مؤخرا باسم مجلس سماحة مفتي الديار الارترية السابق الشيخ / إبراهيم مختار – رحمه الله – لم تترك مجالا للاجتهاد لتحديد المظالم الفاجعة والفاضحة التي وقعت على المسلمين في ارتريا فقد زلزلت المظلوم قبل الظالم كما قال الأخ / علي عافة إدريس في تعليقه عليها. الأمر الذي لم يبق أمام المسلمين بجميع كياناتهم وتوجهاتهم خيارا أفضل من العمل العسكري لرفع هذه المظالم واسترداد الحقوق، ولن يجد التباكي والتسول على موائد الحوارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن الظالم لا يؤمن بالحوار وليس الحوار من لغاته.
ومن هنا أناشد جبهة التضامن التي سمعنا إعلان قيامها قبل سنة تقريبا ولم نر أعمالها حتى الآن أن تعتمد الخيار العسكري للتغيير واسترداد حقوق المسلمين والمهمشين المسلوبة وبدونه لن نسترد شيئا لأن تلك الحقوق سلبت بقوة تم التجهيز والإعداد لها منذ انفصال اسياس أفورقي عن جبهة التحرير في عام1970م من القرن الماضي في جبال (عالا) تحت راية (نحن وأهدافنا)، وفي سبيل ذلك تحملوا المشاق والحرمان واسترخصوا دماءهم وجماجمهم وأتموا التصفيات وعقدوا التحالفات ……الخ ، فلا يعقل بعد هذا كله أن يتنازلوا عنها ويردوها إلى أصحابها إلا بعمل كبير مثله ، فلا تضيعوا وقتنا تزيدوا بذلك معاناتنا.
ومن المسلمات المعلومة بالضرورة أن تضحيات شعبنا بجميع مكوناته من اجل ارتريا ليست محل اخذ ورد، وبالتالي لست بصدد سرد تضحيات العفر من اجل وطنهم كغيرهم من أبناء الوطن إلا انه يحضرني في هذا المقام ما سمعته من المناضل الكبير/أحمد محمد جاسر عند حديثه عن بعض ذكرياته في عدن، عندما كان ممثلا للثورة فيها: أن تأسيس نواة للقوات البحرية الارترية كان على أكتاف أبناء العفر دون غيرهم بحكم خبرتهم في البحر ، ولاحقا انضم للركب آخرون بعد فترة قصيرة من التأسيس، إلا أن شرف السبق للتأسيس كانت لهم ، كما أنهم شاركوا إخوانهم في كل الميادين الوطنية الأخرى، وقد أكد هذا الكلام أحد مناضلي جبهة التحرير القدامى وعضو مكاتبها في سوريا واليمن في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وهو من أبناء العفر المعروفين الأخ / إسماعيل محمد نية.
أعود للمقابلة مع الأخ / إبراهيم هارون رئيس التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر الذي كان موفقا في معرض إجابته عن المقصود من رفعهم للشعار(حق تقرير المصير بما فيه حق تقرير الانفصال) فقد أفاد أن المقصود من رفع هذا الشعار هو حماية وحفظ حقوق أبناء قوميتهم في إطار دولة القانون في ارتريا الديمقراطية وليس المقصود الانفصال عن وطنهم ارتريا ، بمعنى آخر لن يكونوا أبدا قنابل موقوتة تهدد استقرار ووحدة ارتريا أرضا وشعبا.
وهذا توضيح وتطمين لكل من التبس عليه أمر هذا التنظيم الوطني الحر.
هناك حقيقة تستحق الذكر وهي أن الإخوة العفر حتى في أثيوبيا كان لهم أيادي بيضاء مع الثورة الارترية ومن باب ذكر الفضل لأهله فإن (سلطنة أوسا) قدمت الكثير للارتريين بقيادة السلطان الرباني / علي مرح حنفري أمد الله في عمره على طاعته، تمثل في استقباله الحسن وتوفير العيش الكريم في سلطنته وحمايته لبعض المناضلين حتى يصلوا مبتغاهم، والموقف المشرف لأبناء العفر في الدفاع عن أرواح وممتلكات أبناء المسلمين الارتريين إبان الحرب الأثيوبية الارترية الأخيرة (1998-2000) ليس ببعيد عن الأذهان.
كما أن الأخوة العفر في جيبوتي يمثلون مظلة كبيرة لأهلنا لا ينكر فضلهم في ذلك أحد، وكل هذا وذاك محفور في ذاكرة التاريخ الارتري الحديث.
Awate Forum