نداء لفك الارتباط مع اسياس افورقي والتعاطي مع الخيارات البديلة
هذه ترجمة للنص الكامل لكلمة الاستاذ صالح يونس في الجلسة التى نظمها بعض نشطاء حقوق الانسان الارتريين والدوليين وتضمن الحضور عدد من الارتريين ، والاصدقاء ، مسئولي الملف الافريقي في الامم المتحدة ، البعثة الالمانية ، والمبعوثة الخاصة لحقوق الانسان في إرتريا السيدة شيلا كيثاروث ، وعقدت الجلسة في نيونيورك يوم الخميس 24/10/2013م.
الضيوف الكرام
نهاراً سعيداً : اسمى صالح يونس ارتري الجنسية ، اقف امامكم اليوم لأتحدث عن تجربة أسرة إرترية عادية ، تصور حال اسرة وقعت ضحية لنظام اسياس افورقي ، انها قصة أسرتي وعندما اقول تجربة اسرة عادية ارجوكم ان تضعوا في الاعتبار ان هنالك اخرون مصيرهم كان ولا يزال أكثر سوءً ومآساوية. قصة اسرتي تتلخص في أن أبي ، أخي ، وابنة أخي في المعتقل منذ ديسمير 2012م ، انها قصة 3 أجيال من الإرتريين.
أبي عبده احمد يونس ، ولد في مدينة كرن في عام 1928م ، وهو الآن في عمر الـ 85 سنة ، وهذا الاعتقال هو الرابع خلال الـ 12 سنة الأخيرة . رجل مسن في هذا العمر يعاني من مشكلات صحية عديدة يعتقل بعد شهر واحد من إجراءه جراحة قلب مفتوح في الاردن ، ولا أعلم انا او اسرتي مكان اعتقاله ، إن اطول فترة قضاها في المعتقل كانت عام 2001م ، حيث قضى ثلاث سنوات ونيف عندما حاول هو وبعض كبار السن التوسط عندما احتدم الخلاف بين طرفي النظام الحاكم ، وهو ما اعتبره والدي واجباً وطنياً لكل مواطن كبير في السن كما تقضى الأعراف بتوسط كبار السن في النزاعات ، ولكن للأسف تم تفسيره واعتباره من قبل النظام بأنه انحياز لطرف في قضية لا يفترض ان يتدخل فيها مواطن خاصة وانها قضية تتعلق بتقييم طريقة حكمه وتقديره للأمور. ولكن هذه المرة لا نعرف حتى لماذا تم اعتقاله لم تتم مقاضاته عن اى جريمة إذ لم يقدم الى محاكمة ولم يتلقى اى حكم ، الاسرة محرومة من حق زيارته او معرفه مكان تواجده.
أخي حسن عبده احمد ولد في اسمرا في 1975 وهو الآن في عمر الـ 38 سنة ، وقصته هي قصة مألوفة ومعتادة ، هاجر الى الخارج ، ومن ثم عاد مع والدي في عام 1992م ، التحق بالخدمة الوطنية منذ عام 1995م ولا يزال ، انها 17 عاماً من الخدمة القسرية في الجيش متبوعة بعام واحد في المعتقل ، هو ايضاً اعتقل في ديسمبر 2012م ، وايضاً لا نعرف لماذا اعتقل ، ولم تتم مقاضاته عن اى جريمة ، ولم يقدم لمحاكمة ولم يتلقى اى حكم قضائي.
ابنة أخي سهام علي عبده ولدت في الثالث من ابريل 1997م في لوس انجلوس بولاية كاليفورنيا ، هي الآن في عمر الـ 16 عام ، اعتقلت عندما كان عمرها 15 سنة في الثامن من ديسمبر 2012م في منطقة حشفراى، وللمفارقة فإن يوم اعتقالها يوافق يوم الطفل العالمي ، وقد تم ترحيلها الى سجن عدي ابيتو في الخامس والعشرين من ديسمبر يوم اعياد الميلاد ، محزن أن تكون هذه هدية عيد الميلاد لأمها . منذ الثاني عشر من مارس 2013م تم نقلها من من سجن عدي ابيتو ولا احد من افراد الاسرة يعرف الي اين تم نقلها وكالعادة لم يكن هنالك اى تفسير من قبل النظام وهو ما جعل الاسرة تخمن انه ربما تم احتجازها رهينة لتذكير والدها علي عبد احمد وزير الاعلام السابق الذي هجر النظام وطلب اللجوء السياسي في الغرب بأن مصير ابنته بين يديهم بشكل مستمر .
عندما اقول ان هذه معاناة اسرة عادية فإنني أعني ما اقول ، ذلك ان هنالك آخرون معاناتهم اشد سوءاً ، تخيل حال من تم اعتقالهم منذ عام 1994م لأنهم أتهوا بأنهم مسلمون متشددون ، وتخيل كيف ان اسرهم تعيش هذه المعاناة بصورة يومية لما يقارب العقدين من الزمان ، تخيل حال تولدي بيّن ، إرتري من سكان مدينة كرن الذى اختفى قسراً مع الشاعر الشهير (عجت حنا) ومعهم حوالي 15 من الابرياء دون ان يكون لهم اثر منذ عام 1977م ، لا لسبب سوى انهم لم يكونوا من مؤيدي الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا ، تخيل حال حفيده يوهانس م تولدي بيّن الذي هجر البلاد مثل غالب جيله ، ليكون أحد ضحايا حادثة لمبيدوسا في الثالث من اكتوبر ، وتخيل حال عمته لتواب تولدي بيّن التي لم تستطع ان تجد جثمانه ضمن الناجيين او الاموات.
إن اى قصة من هذه القصص ، او اى شهادة من شهاداتنا يمكن رفضها ببساطة ، والنظام الإرتري بارع في ذلك ، ولكن هل يمكن رفض او انكار شهادات ألالاف المؤلفة من الأسر الارترية؟
إنه من المعروف ان اى حكومة يمكن أن تعتقل من تعتقد انه يشكل تهديد للأمن القومي ، ولكن هنالك مشكلة واحدة وهي الطريقة التي يتم بها إتخاذ مثل هذا الاجراء ، إرتريا هي استثناء بكافة المقاييس ، هنالك عشرات الالاف من الاسر الارترية في أسوأ الاحوال ، اسر فقدت طفلها الوحيد ، وأخرى تشتت افرادها لعقود من الزمان ، وثالثة لا تدري اين احد افرادها وكيف هو دون ان يكون هنالك محكمة او حكم قضائي او حق الدفاع عن النفس ، ومن دون ان يعرف التهمة الموجة اليه او الحكم الذي على اساسه يبقى سجيناً ، ودون السماح لأسرته بزيارته ، وهنالك اسر معاناتهم اكثر ايلاماً مما ذكر. تسمع الصراخ في كل العالم الذي يطالب بالعدالة ، ولكن الحال في إرتريا ليس في غياب العدل ولكن في غياب المقاضاة بغض النظر عن الظلم او العدل ، مشكلة إرتريا في غياب ابسط قواعد اللياقة والاحترام الانساني ، انه حكم الغوغاء ، حكم العصابات .
الحضور الكريم :
انا متأكد انكم من مجلسكم هنا الآن تتساءلون قائلين ماذا تريدوننا أن نفعل؟ صحيح إنها مأساة ولكن العالم مليئ بالمآسي ، ماذا نستطيع ان نفعل ؟ انا اقول إن الشئ الذين يمكن ان تفعلوه هو فهم طبيعة النظام ، ان تفهموه بشكل حقيقي ، لأنكم ان فعلتم ذلك ستدركون ان النوايا الحسنة التي تعبرون عنها عبر التعامل مع النظام او المناقشات الجانبية في المؤتمرات او المبادرات الفردية والجماعية لحمل النظام الى تعديل سلوكه ما هي إلا أحلام عقيمة ، وهو من خلال هذه المناورات يسعى الى اضفاء الشرعية على نظام غير شرعي ، واطالة مدة بقائه هو إذاً تأييد بشكل غير مباشر لأنتهاكات النظام لحقوق الانسان ، دعوني اقول لكم انتم تحاولون اصلاح شئ غير قابل للاصلاح.
انا متأكد ان الكثيرين منكم قد خدعوا في النظام ، وذلك من خلال اطلاعهم على نماذج الدكتاتوريين في افريقيا ، ومقارنتهم بوضع اسياس افورقي في إرتريا ، وتوصلتم الى نتيجة انه لا يمكن ان يكون دكتاتور ، فالرجل لم يعطي نفسه القاباً رنانة كالمارشال أو غيرها ، الرجل لا يرتدي لباساً عسكرياً ويرتدي نظارة شمسية ، لا يمكن ان يكون دكتاتور فهو حتى لا يرتدي بدلة ماركة عالمية يتجاوز سعرها الالف دولار ، ليس لديه فيلا في اروبا ، هذا كله يؤكد ان الرجل ليس دكتاتور ، لكن الحقيقة المؤسفة ان الانسان يمكن ان يكون دكتاتوراً حتى وهو يعيش حياة اسبارطية ، الدكتاتور ببساطة هو شخص مهووس بالسلطة ، ولكن ماذا يفعل بالسطلة حين ينالها هذا يختلف من دكتاتور لآخر.
دعوني اكون صريحاً معكم ، انه لا توجد حكومة في إرتريا ، حتى انه لا يمكن ان نطلق على ما هو في ارتريا (نظام) لأن ذلك يستدعي نوع من وجود التنظيم او هيكل وتراتبية ، ولكن الحقيقة على الأرض ، إرتريا هي دولة اسياس افورقي . دولة بوليسية مستبدة ، تمت فيها محاولات ممنهجة لأخضاع السلطة للحزب ، ثم تدرج الأمر الى اخضاع السلطة لأفراد ، الى ان وصل الحال الى دولة الرجل ، والرجل الدولة ، وهو للاسف تجسيد لكافة تناقضاته المجنونة. وقد وصلت البلاد الى هذه المحصلة من خلال خلق كيانات موازية غير شرعية وغير رسمية ، ولأن اعضاء هذه المؤسسات الغير شرعية والغير رسمية انفسهم امضوا حياتهم دخولاً وخروجاً من السجن فإن ولائهم هو فقط لرجل واحد وهو الرئيس.
مثال بسيط للتدليل على ذلك ، نجد إن إرتريا لديها وزارة للمالية ، الدفاع ، الثروة السمكية ، الطاقة ، التعدين المواصلات ، التجارة والصناعة ، والزراعة ، ولديها سلطات مثل الخطوط الجوية ، الموانئ ، الخطوط البحرية ، فإذا صادف وسألت الوزراء او المدراء التنفيذين للحديث عن سياسات وزاراتهم لن تجد لديهم الكثير الذي يمكن ان يقال، لقد ذكرت من قبل في مقابلة مع الاكسبرشن انه اذا تسنى لك جمع كل الوزراء لن تحصل منهم على إجابة ملموسة عن كيفية إدارة النظام لشئونه ، ذلك أن كافة الصلاحيات والسلطات التي يفترض ان تتمتع بها مواقعهم الوزارية نجدها بيد كيانات حكومية موازية يقودها ضابط لا وجود له في الهيكل الحكومي ، هؤلاء الذين يعملون في هذه الكيانات الحكومية الموازية يسمون مؤسساتهم صومالي لاند ، مثل السلطة في صومالي لاند هي سلطة فعلية ولكن دون اعتراف ، عندما تقرأ تقرير مجموعة مراقبة إرتريا والصومال (SEMG) الذي يتحدث عن حجم الزمن الذي يمضيه اسياس افورقي في الاجتماعات مع قيادات هذه الكيانات تعرف ان هذه هي الوزارات الحقيقية التي تدير البلاد ، عكس مجلس الوزارء الذي يظهر في التلفزيون صورة من غير صوت ، وأخيراً قام اسياس بإختراع الجيش الشعبي وهو لا يخضع لوزارة الدفاع او قوات الدفاع الارترية.
إن حكم اسياس افورقي هو حكم مطلق ، يتحكم في كل شئ ، يتحكم في الاعلام ، الأمن ، الجيش ، الأمور المالية ، السكنات ، الامداد البترولي ، توزيع الاراضي ، توزيع المياه ، وحتى تكون الصورة واضحة سوف اعطيكم هذا المثال ، عندما حدثت حادثة فورتو 2013م ( تمرد في الجيش الارتري في 20 يناير 2013م ) تناقشت في الأمر مع من هو على دراية بالاوضاع اكثر مني ، وكنت اتحدث عن التقارير التي تشير ان الدبابات تحركت من منطقة طرونا في الحدود الاثيوبية الارترية حتى وصلت الى اسمرا ولكن الرجل استوقفني ببرود وقال ان ذلك مستحيل لأن الوقود يوزع بواسطة اسياس افورقي شخصياً ، ولا يمكن ان يحدث ما تقول دون علمه.
اسياس افورقي هو من يحدد من من الفنانين يذهب الى اى جولة فنية ، أى رصيف يتم رصفه ، اى المحاصيل يزرع المزارعون هذا العام ، والى اى عمق يفترض ان يحرثوا الارض ، اى المستشفيات الخاصة يجب ان يغلق ، اى متجر يفترض ان يحصل على الترخيص ، اى منهج دراسي يفترض تدريسه ، هو من يقرر من يسجن لسنوات او لمدى الحياة ، من الذي تتعرض زوجته للاعتداء حتى يهان زوجها وتكسر كرامته لأن ذلك يعتبر اقسى انواع الاهانات في الثقافة الارترية ، هو من يعلن الحرب والسلام ، وفي نفس الوقت هو من يقرر اى انواع الطلاء مناسب للبيت المحدد.
انه رجلاً مجنوناً يحكم بلد ، ، نرجسي ، يعانى من انفصام الشخصية ، حاقد على المجتمع ، يعاني من مرض جنون العظمة المفرط ، كيف يمكن التعامل مع رجل مجنون؟ ادرسوا شخصيته وسلوكه هنالك نماذج كثيرة في تصرفاته تؤكد ذلك ، وللتدلل على ذلك سوف أعطيكم هذا المثال : أولاً عند حدوث حدث مزلزل مثل غرق الباخرة في لامبيدوسا التي اودت بحياة 360 إرتري في البحر المتوسط ، انكر حدوث اى شئ ، الخطوة الثانية عندما بدأ يحس بآثار وتداعيات الحدث بدأ في السخرية مخترعاً تعابير مسيئة ومهينة وهو ما بدأ يردده التابعين له ، الخطوة الثالثة : عندما أدرك انه لا توجد طريقة للهروب من الحدث لم يمانع في تغيير موقفه على النقيض تماماً ويقبل امور كان يتم استجداءه لقبولها فهو لا يقّر او يقبل الامور إلا في ظل الضغط والمحاصرة.
التغيير في إرتريا قادم ، هذا التغيير سوف يحدث عندما يدرك عدد كاف من الارتريين في الداخل والخارج بأهميته ويسعون لإحداثه ، أنه مسئوليتنا كإرتريين ، ولكن للمجتمع الدولي مسئولية مشتركة ايضاً ، إذا واصل المجتمع الدولي في حملة حسن النوايا لترويج سياسية التعاطي والارتباط أو سياسة ترك الباب الموارب سوف تكون النتائج ذات النتائج التي تم حصادها طوال الإثنى عشر عاماً الماضية ، تذكروا انكم تتعاملون مع رجل اتهم الولايات المتحدة وحملّها المسئولية في تهريب الشباب الارتري الى الخارج عن طريق المهربين وعصابات الاتجار بالبشر ، أنه رجل تجاوز مرحلة الاصلاح ، لانه ببساطة لا يمكن اصلاح رجل مجنون ، كل ما تفعلونه هو اعطائه مزيد من الشرعية ، كل مساعي حسن النية التي تقومون بها لن تجدي شئياً ولكنكم تصرون على المضي قدماً ، انه غروركم الذي يدعوكم لمحاولة المستحيل ، تحتاجون الى الوصول الى حكم تأخر صدروه كثيراً ، نفس الحكم الذي توصلتم اليه في حال صدام حسين ومعمر القدافي وبشار الاسد
لقد صادف إن هذا الرجل يحكم دولة ولكن الحقيقة أنه غير مستقر ذهنياً ، ونحتاج أن ندرك ذلك ونعمل على شرعنة البدائل لحكمه السادي.
شكراً لكم
صالح يونس
24/10/2013م
( Translated by Abdulrazig Kerrar, Canberra, Australia. Thank you Abdulrazig.)
Awate Forum