Awate.com

أواسا سلطنة إثيوبية قديمة ترسم مستقبل إرتريا

بقلم – صلاح إبراهيم عبي   

 هل نسينا سيرة الدولة الإرترية!!!

كلنا نعرف أنها ابنة تلك الثورة المسلحة التي لم يرض عنها الكثيرون ،ونعرف أنها عانت من العزلة والحصار،لكنها تجاوزت مختلف الصعوبات وانتصرت حتى على خلافات أبنائها الذين تقاتلوا على حبها أو كما يدعون…

هي اليوم وقد بلغت العشرين من العمر ترى في نفسها إمرأة مكتملة الأعضاء مكتنزة،رأت في نفسها أمل العالم في دولة خرافية ، لم تقرأ بعمق في العلاقات بين مختلف الدول ،حاكمها يرى أن على العالم كله الاستفادة من التجربة الإرترية بل واتخاذها قبلة للحالمين بيوتوبيا، لكنه تناسى أن للآخرين تاريخهم وتجاربهم أيضا،لكنه أصر على الاستمرار في تجاهل الآخرين ، وألحً عليهم ولج، وكان فظا وفجا حتى فقد القدرة على التحدث مع الآخرين ففتح النار على كل الجيران، وفقدت إرتريا الآلاف من أبنائها بين شهيد وجريح وفار ويتيم ، والحاكم يصر على فتل عضلاته استعدادا للمزيد من الحروب في سبيل نصرة المسلمين في دارفور وكردفان والنصارى في تغراي!!!

إذا كانت الصبية عندما تكبر تصبح أما، فماذا سيصبح الحاكم المتسلط عندما يستمر في الحكم طويلا؟

الكثيرون منكم سيقولون أنه سيصبح قذافيا أو بن عليا أو مباركا، والثلاثة عندي براء من المقارنة!!!

هم لم يحاربوا الآخرين،

هم لم يجعلوا من بلدانهم سجونا _والأمر هنا نسبي_

هم أخطأوا في العديد من القرارات، لكنه لم يتخذ قرارا سليما واحدا،

هم لهم أصدقاء هنا أو هناك_حتى لو كان في الأمر مصلحة_

اما هو فلا صديق له،حتى ظله يشك في انتمائه له

هم لهم قبلة رأيناهم يصلون إليها

وقبلته تعرفونها جميعكم،هي ذاته لا غيرها

هم حكموا بلدانا تنتمي 

هو  لم يجد من ينتمي له، فاصطرع مع الجميع

وإذا كانوا _الثلاثة المخلوعين_قد لقوا مصائر أكدت حتمية انتصار الشعوب فإن الإرتريين موعودون بالنصر لا محالة مع مزيد من الإصرار على مواصلة النضال أيا كانت العوائق…

الديكتاتوريات تتساقط والديموقراطيات تتصاعد،وفي الحالتين يظل المواطن البسيط ينتظر المزيد من الحريات الحقيقية المبرأة من الفساد على كافة الصعد،وفساد الدواخل هو الأساس أما ظاهره فهو مطية السياسيين.

انظروا من حولكم إلى هامش الحريات التي تتمتع بها العديد من دولنا الأفريقية والعربية ، وحاولوا تأمل صور الفساد المالي والإداري الكبير، والتشوهات الخلقية والثقافية التي تحدث في أجساد الفئات الحاكمة هنا وهناك، انظروا إلى صور المغنين وموظفي الدرجات العليا في تلك الدول ، هل يشبهون سكان البلاد الأصليين!!! إنهم مدجنون لصالح الفساد وبه.

الديكتاتوريون يصنعون موظفيهم ويحمونهم ولو إلى حين، بل إنهم يستوردونهم من بلدان أخرى ليساعدونهم في إدارة مصالحهم.

في إرتريا الصورة أكثر قتامة، لأن الجميع يصبون في قارورة هي  بيد الرئيس، الموظفون الصغار يقترحون والمدراء يوقعون بقلم الرصاص،أما الوزراء فإنهم يشيرون للرئيس إلى موضع توقيع المدراء فتذهب صورة القرار إلى مكتب الرئيس الذي قد يوافق على الفكرة أو لا .

في الحالتين سيتحدث الزعيم عن وعود التنمية إذا هطل المطر،أما إذا لم يهبط فإنه سيسب الأئمة والقساوسة الذين لا يحبون الخير لمجتمعاتهم!! فيسجن البعض منهم أيضا بتهمة الفساد،أما تهمة الخيانة فهي ملصقة بالجميع لكنه ينتظر التوقيت المناسب لاعلانها،فكل موظف مفيد حتى يبلغ سن التقاعد إذا لم يقل صراحة أو مداورة انه موجود،وهذا مصيره أيضا السجن والحرمان من التقاعد والحقوق المدنية الأخرى،والسبب المنطقي الوحيد هو أن ميزانية الرئيس لا تسمح ببعثرة أموال الدولة في معاشات أناس لن يستفيد منهم المجتمع _حسب منطق الزعيم حقا_. 

وهل هناك أفضل مثالا من  نايزقي كفلو الذي خدم الشعبية لأكثر من أربعين عاما وحتى رحيله ،فمصير النايزقي كان البحث عن مكان يكون قبرا له بعد أن نبذه إسياس وأنكر صلته به على الرغم من أنه كان بوقا له حتى وهو في سرير الموت في لندن،،،بل وإليه تنسب العديد من عمليات إرهاب المواطنين على مدى أربعين عاما،وإليه تنسب عمليات الإعتقال التعسفي لمرحلة ما بعد الدولة!!! ومثل هذا المصير ينتظر الآلاف من موظفي اسياس!!! 

إذا كان ذلك هو إسياس أفورقي وأتباعه المغيبون،فإن في المعارضة هامش من الحرية والمتمثل في عقد المؤتمرات التنظيمية ،وتجديد الدماء في هيئاتها القيادية ،وهي مؤتمرات وبصرف النظر عن الإنتقادات الموجهة لها فإنها تمثل حراكا حقيقيا نحو الديموقراطية المبتغاة.

الديموقراطية ذلك الحلم ليست دواءا نتناوله حسب وصفة الطبيب في أوقات محددة ولأسباب معينة، بل هي نمط حياة متكامل تترابط فيه كافة الأجزاء وتتبادل التأثير،وتلك المؤتمرات هي واحدة من الأجزاء المكونة لديموقراطيتنا المبتغاة.

الكثيرون فتحوا نيرانهم على ما يصفونه بمسرحيات المؤتمرات التنظيمية وما دروا أن تلك المؤتمرات تحمل في داخلها حقيقة الديموقراطية، فداخلها تجري حورات ساخنة حول كثير من التفاصيل والتي لا تخرج إلى العلن، وذلك أحد مكونات الفعل الديموقراطي،ثم إن تلك المؤتمرات التي نصفها بالمسرحيات هي مدرسة تتشكل فيها الكوادر الشابة التي قد يصعد البعض منها إلى المواقع القيادية المتقدمة في مختلف التنظيمات.

إذا ألقينا نظرة سريعة على القيادات الحالية لتنظيمات المعارضة الإرتيرية فإننا نلمس تقدم الشباب نحو القيادة،أليسو هم نتاج لتلك المؤتمرات المسرحية_كما نصفها_، ويبقى الأمل في أن يعبروا هم عن طموحات الشباب الإرتري في مزيد من التغيير والحرية والديموقراطية المترافقة مع البرامج الإقتصادية التي هي الحاجة الماسة لكل الفئات.

قد تكون سلطنة أواسا بعيدة عن عبث عصابات أفورقي التخريبة، لكنها قريبة من المواطن الإرتري الذي يأمل في أن يحقق الذين اجتمعوا هناك إختراقا كبيرا في أسوار ذلك النظام القهري، وكذلك اختراقا للحواجز الوهمية المرسومة داخل كل فرد إرتري من أنه يتميز عن الآخرين،وهو بالفعل كذلك، لكن عليه تذكر أنه جزء من كل نعمل على تجانسه ضمن الخريطة الوطنية التي عمدتها دماء الآلاف من أبناء هذه البلاد التي لم تعرف الإستقرار والحرية على مدى تاريخها الحديث الذي لا يزيد عن المئة وعشرين عاما.

((أواسا احتلها الإرتريون  لأيام خلال عام2011)) هكذا سيكتب التاريخ عن المؤتمر المنصرم ، لكنه احتلال هدف إلى تحرير شعب،احتلال شارك فيه المئات من ممثلي الشعب الارتري بصرف النظر عن التفاصيل،إحتلال غضت وسائل الإعلام العالمية النظر عنه لأسباب مختلفة، وهذا في حد ذاته محمدة أتاحت للمشاركين فرصة الحديث بحرية وعن كل شي يتعلق بالوطن ودون ضغوط برتوكولية.

أما التنظيمات والقوى والأفراد الغائبون والمغيبون عن المشاركة في المؤتمر فإن عليهم الدعاء لنتائج المؤتمر بالنجاح، لأن فشله وبهذا الكم والنوع من المشاركين يعني شرخا حقيقيا في جدار الوحدة الوطنية وهو ما يسعد العديد من المنظمات الإقليمية والدولية التي تتحين الفرص لحشرأنوفها في كل شاردة وواردة.

مرة أخرى،أواسا الإثيوبية مثل جدة السعودية تفرض نفسها على الإرتريين،فجدة خلال فترة من فترات الثورة الإرترية كانت مقرا لوحدة غريبة لعدد من تنظيمات الثورة ،وحدة أنتجت التنظيم الموحد الذي بتقديري المتواضع جدا لم يقدم شيئا يشفع له لدخول تاريخ الثورة الارترية بصفحاتها الإيجابية_ مرة أخرى هذا تقدير شخصي تماما_ لكن على الذين شاركوا في مؤتمر أواسا التأكيد على أن أواسا غير!!!!وذلك عبر  ارسال رسالة واضحة للجميع بأن إنجازات الثورة الإرترية لها من يحميها من أبناء هذا الجيل.

الثورة الإرترية أنجبت الدولة ،ولكن الدولة لم تكن وفية لأهداف الثورة الحقيقية،فخرج أفورقي عن جادة أهداف الثورة، لذا فإن على الذين شاركوا في مؤتمر أواسا وضع أسس جديدة لدولتنا، أسس عمادها المبادئ الإنسانية الراقية والخالية من الاستعلاء، والقبول بالتنوع الخلاق،أما أمنية شاعرنا الكبير محمد محمود الشيخ_مدني_عن:

كن القائد

فهي بعيدة المنال لأن تسلم القيادة أسهل من النوم في هذا الزمن ،ولكن اختيار الأهداف وتحقيقها هو الأصعب  لطبيعة المؤتمر وظروف إنعقاده،ولكن علينا محاولة اختيار الأهداف الحقيقية وليست تلك المفروضة فرضا،والمدفورة دفرا،والمحشورة حشرا،حتى لا يكون حصاد المؤتمر مسروق سرقا….

Shares

Related Posts

Archives

Cartoons

Shares