Awate.com

أبعاد العقوبات الدولية وأثرها علي الحزب الحاكم في إرتريا

يبدوا أن المجتمع الدولي عازم للمضي قدما لإرضاخ النظام الحاكم في إرتريا حتى ينصاع بالكامل للقرارات والأجندة الدولية ، يتبلور ذلك بشكل جلي من خلال سلسلة العقوبات الدولية التي انهالت علي إرتريا خلال ثلاثة سنوات الأخيرة وهي القرار 1844(2008) و1862(2009) و1907(2009) و2023(2011) فضلا عن العديد من البيانات والإدانات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي خلال تلك الفترة ،مع الإشارة إلي  أن أول عقوبات دولية اتخذت ضد إرتريا كانت وأحادية الجانب إذ قامت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2004م بإغلاق المركز الثقافي الارتري ، ومصادرة أموال شركة هينبول لتحويلات المالية تحت مبرر أنها كانت تعمل في أمريكا بدون غطاء قانوني، وتجميد أرصدة مالية تابعة لسفارة الارترية بأمريكا  ، كما قامت الولايات المتحدة في عام 2007م بإغلاق القنصلية الارترية في أوكلندا  بولاية كلفورنيا ، فضلا عن قيام  بعد دول الاتحاد الأروبي منذ مطلع عام 2000م  بمعاقبة النظام بإيقاف جزئي لدعمها المالي للعديد من المشاريع التي كانت تدعمها في إرتريا  ،فضلا عن عزل  النظام  وعدم التواصل معه حتى يستمع للدعوات والنداءات  الدولية التي كانت تركز حينها  في مطالب الإصلاحات الداخلية وملفات حقوق الإنسان و إطلاق المعتقلين و السماح بالحريات في البلاد ،كما صدرت في تلك الفترة العديد من الإدانات الدولية ضد النظام بسبب سوء المعاملة التي كان يقوم بها لقوات حفظ السلام الدولية وصولا إلي طردها من الجانب الارتري  ، إلا أن العقوبات علي مستوي مجلس الأمن الدولي التي  بدأت منذ عام 2008م تتعلق بالخلاف الحدودي مع جيبوتي والدور الارتري في الصومال ،ودعم النظام لعدد من الجماعات العسكرية في المنطقة ،  وقد تدرجت تلك العقوبات من حيث نوعيتها والتزام المجتمع الدولي لتنفيذها ،كما تخللتها حملة دولية واسعة ضد النظام تجسدت في حملة الإدانات الدولية الواسعة لدور النظام في المنطقة ،واستمرار يته في الانتهاكات الخطيرة للحقوق الأساسية للمواطن الارتري ، وكانت نتيجة تلك الحملة عزلة النظام حيث أصبح منبوذا أينما حل تطارده كئابة الوضع في داخل إرتريا ،وشراسة التعامل الخارجي،.وما أن بدأ النظام  يظهر بأنه مستعد  لمراجعة بعض أخطائه الخارجية وذلك بالقيام بإعادة عضويته في الكيانات الدولية واستعداده للتعاون في إيجاد حل لقضايا المنطقة العالقة ومن أهمها طبعا  الوضع في الصومال ،فضلا أن الكثير من الخطابات التي ترسلها الخارجية الارترية إلي المؤسسات  الدولية في الفترة السابقة  تؤكد أن النظام في موقف ضعيف وإنه لا يستطيع الاستمرارية في تحدي المجتمع الدولي وأن الحفاظ علي الحكم يستدعي دفع ضريبة الاستمرارية بالتنازل للخارج ، إلا أن المجتمع الدولي يؤكد من جديد عزمه إخضاع النظام بفرض مزيد من العقوبات الدولية وأن مشروع الغابون الذي قدم إلي المجلس في منتصف أكتوبر الماضي  والذي خضع لتعديلات الكبيرة يؤكد مدي التحديات التي يواجهها النظام ، وإن القرار الأخير الذي صدر من مجلس الأمن الدولي ما هو إلي رسالة تحذير أخيرة للنظام وتأكيد بأن هناك توافق دولي لاتخاذ مزيد من الاجرءات والعقوبات ضد النظام الحاكم في إرتريا .

ولتوضيح الصورة أكثر فيما يلي سنلقي الضوء علي وثيقة مشروع العقوبات 2023(2011″)  قبل وبعد التعديلات  ،ودور لجنة مراقبة الصومال وارتريا والاتهامات التي وجهتها  إلي ارتريا ،فضلا عن الدور الأثيوبي في كل هذه التطورات ،وتعاطي الحكومة الارترية مع هذه التطورات   ، وما مدي تأثير تلك العقوبات علي الأوضاع في إرتريا .

محتويات وثيقة الغابون للعقوبات ضد إرتريا قبل التعديلات  :

قدم مندوب دولة الغابون ” نيلسون أبنداب” وثيقة العقوبات الدولية الجديدة ضد إرتريا في الـ14من أكتوبر الماضي إلي أعضاء مجلس الأمن الدولي ،وحظيت الوثيقة بدعم من الدول الأفريقية الممثلة في المجلس في هذه الفترة إذ دعمت نيجيريا المشروع بالكامل ، ودعمته جنوب أفريقيا أيضا مع طلب بعد التعديلات الطفيفة في محتواه ،وبالرغم من أن مشروع العقوبات لم ينشر في وسائل الإعلام حيث تم مناقشته علي مستوي ممثلي الدول في مجلس الأمن الدولي ، إلا أن الوثيقة التي سربت إلي وكالة رويترز للأنباء ونشرت بتاريخ 18اكتوبر2011م  أوردت أن وثيقة العقوبات كانت تتكون من 6صفحات ، ومن البنود الرئيسة التي أحتوها الوثيقة التي وصفت بالقاسية جدا ، إدانة دولية بإقصاء العبارات  التي       النشاطات التي تقوم بها إرتريا في منطقة القرن الأفريقي ،  و منع الشركات الأجنبية من  العمل  في قطاع التعدين في إرتريا ، والطلب من كافة الدول بمنع مواطنيهم بالتوقف من أي نشاط استثماري أو الدخول في شراكات مع إرتريا تتعلق بقطاع التعدين  ، كما  كان يطلب مشروع  القرار من الدول والشركات الأجنبية عدم استيراد أي من إنتاج قطاع التعدين الارتري ومن بينها الذهب والثروات المعدنية الاخري ، كما كان يطلب مشروع القرار حظر عمل العديد من الشركات المالية والتجارية المرتبطة بالنظام من العمل ويطلب بعدم التعامل معها ،  والدعوة  إلي حظر أي استثمارات جديدة في إرتريا ، فضلا عن الدعوة إلي فرض رقابة في التحويلات المالية غير القانونية إلي ارتريا ،وطلب مشروع القرار  من كافة الدول اتخاذ جميع الاجرءات الضرورية لمنع حصول الهيئات الدبلوماسية الارترية من عائدات الضرائب المتمثلة في 2% من المواطنين الارتريين في المهجر ، كما يدعوا مشروع القرار كافة الدول والمؤسسات المالية لعدم الدخول في أي التزامات مالية مع الحكومة الارترية بتقديم قروض أو ديون أو دعم مالي ، إلا أن يكون ذلك لأغراض إنسانية أو تنموية ،وطلب مشروع القرار تجميد أرصدة شركات وأفراد يعتقد أنهم مرتبطون بالنظام ويلعبون دورا في وصول الدعم المالي علي الجماعات المسلحة في منطقة القرن الأفريقي ، و تحتوي العقوبات الحالية علي قائمة من الأسماء المسئولين الارتريين يطلب المشروع حظرهم من السفر، وتجميد أرصدتهم ، كما يدعوا مشروع القرار كافة الدول مراقبة مدي التزام ارتريا بحظر توريد السلاح ويطلب تفتيش خط الملاحة البحرية الارترية والطائرات المتوجهة إلي ارتريا لضمان تطبيق الحظر  ، كما يؤكد مشروع القرار علي العقوبات الدولية السابقة ويدعوا ارتريا إلي الالتزام بها .

) واهم الاتهامات الموجهة الي إرتريا :-   أوكلت مراقبة مدي التزام إرترياSEMG)تقريرالــ  بتطبيق القرارات الدولية السابقة إلي لجنة مراقبة الصومال وإرتريا ،وكونت هذه اللجنة بناءا علي قرار  مجلس الأمن الدولي رقم (1916)2010م ، وكانت اللجنة تتكون من 8 خبراء دوليون وترأسها “هات براون” ويعمل  مستشار في مجموعة الأزمات الدولية ، كما يوجد ضمن أعضائها خبراء ، في الملاحة البحرية ، والشئون المالية ،والجماعات المسلحة ،ومن المهام التي أوكلت إلي اللجنة إجراء التحقيقات حول المؤسسات المالية الارترية ،ومراقبة الطيران ،والملاحة البحرية ،فضلا عن تجميع المعلومات حول أفراد يعتقد بأن لديهم صلة بالتسبب  بعدم الاستقرار في المنطقة ،كما طلب من اللجنة رفع تقرير خاص عن إرتريا في خلال ستة أشهر ،وقد قامت اللجنة خلال فترة عملها بنشاط مكثف في متابعة الشأن الارتري ،حيث قامت بزيارتين إلي ارتريا دامت خمسة عشر يوما ،كما أجرت لقاءات وتحقيقات  مع مسئولين ارتريين في أوروبا ،وقد شملت أعمال اللجنة في ارتريا تحقيقات حول المؤسسات المالية الارترية والشركات التابعة للحزب الحاكم في ارتريا ، كما زارت المواني الارترية والمطارات في البلاد،  طالبت أيضا زيارة مقرات عسكرية  وأمنية تحفظ النظام عن زيارتها ،وأشارت اللجنة أن جمع المعلومات عن إرتريا شكلت تحديا كبيرا لعملهم ،نظرا للقيود المفروضة، وغياب وسائل الإعلام  والجمعيات غير الحكومية ،ولذلك اعتمد فريق الرصد علي مصادر من الخارج للحصول علي معلومات ، كما قاموا بالاتصال بصورة خاصة بعدد من المسئولين الارتريين السابقين في الجيش والاستخبارات والسلك الدبلوماسي لديهم معرفة بالجبهة الشعبية والمؤسسة العسكرية،كما تمكن الفريق من الحصول علي معلومات من مسئولين ارتريين حاليين في الحكومة الارترية ،كما قام الفريق برصد المصادر المفتوحة باللغات الإقليمية ،خاصة التجرنية والعربية والصومالية.

وبناءا علي التحقيقات الميدانية قدمت الجنة تقريرها إلي مجلس الأمن الدولي بتأريخ 18يوليو2011م ،وقد جاء التقرير علي 417 صفحة  تناول في الجزء الأول  الوضع الصومالي مع التركيز علي نشاط شباب حركة شباب المجاهدين ، أما فيما يتعلق عن الوضع الارتري فقد شمل التقرير نظام الحكم ،والسياسة الخارجية والأمنية ،صادرات الأسلحة والذخيرة، طرق التمويل العسكري ،النظم الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية ،الشركات التجارية المرتبطة بالنظام الحاكم في ارتريا،ضرائب الارتريين في الخارج،جمع التبرعات وجهود التعبئة التي يبذلها النظام ،الشبكات السرية للمشاريع التجارية والأعمال المصرفية للجبهة الشعبية ،القنصل الفخر يون والشركاء التجاريون في الخارج ….الخ

وقد وجهت اللجنة الكثير من الاتهامات الموثقة ضد النظام الحاكم في إرتريا ومن أهم ماجاء فيها :

– الاستمرارية في تقديم  دعم المادي والعسكري والمالي والسياسي والتدريب لـ6 مجموعات مسلحة في منطقة القرن الأفريقي أورد التقرير أسماؤها وأماكن التدريب السرية لها  بالإشراف الكامل من جهاز الاستخبارات الارترية ، كما يورد التقرير بعد الوثائق للتحويلات مالية يقول إنها تمت عبر السفارة الارترية في كينيا إلي حركة الشباب المجاهدين الصومالية ،ويحدد التقرير تقديم ارتريا حوالي 80.000دولار شهريا  لحركة الشباب المجاهدين الصومالية ، ويحمل التقرير المسؤولية الكاملة لعدد 7أفراد من جهاز الاستخبارات الارترية من ضمنهم مسئول عمليات الجهاز في القرن الأفريقي ،بالإضافة إلي المسئول الأمني في مكتب الرئيس الارتري .

– يحمل التقرير المسؤولية الكاملة للجهاز الاستخبارات الارتري اشرافا وتدريبا وتمويلا لما قيل عنها محاولة تفجير مؤتمر الاتحاد الأفريقي في يناير 2011م وذلك عبر استهداف فندق “شارتون” حيث يقيم معظم رؤساء الدول المشاركة.

– العمل من اجل زعزعة استقرار جيبوتي عبر دعم مجموعات مسلحة ويتحدث التقرير عن ضبط متفجرات مع أفراد كما ينشر اعترافات لمسئول في المعارضة الجيبوتية يؤكد تلقي دعم مادي من ارتريا ، كما يحمل التقرير مسؤولية رفض ارتريا مناقشة ملف الجنود الجيبوتيين المفقدين في الاشتباكات الحدودية بين الطرفين وعددهم 18 عسكريا  .

-كما يربط التقرير بين إرتريا والانفجار الذي تم في كامبالا في يوليو2011م وهو الانفجار الذي تبنته حركة الشباب المجاهدين الصومالية .

– رصد تعاون عسكري بين ارتريا وارتريا في عام 2009يهدف إلي تحقيق طموحات إيران العسكرية في المنطقة .

انتهاك حظر استيراد السلاح :حيث يسرد التقرير وقائع بوصول أسلحة إلي إرتريا في 2011م عبر كل من مينائي مصوع وعصب في سفن تحمل إعلام كوريا الشمالية وباكستان وجورجيا ، فضلا عن قيام ارتريا بصيانات لطائراتها الحربية في كل من روسيا واكرانيا ،ويورد التقرير اسم اللواء هبتي سلاسي قائد الجوية الارترية ،ويماني تسفاي مدير البنك التجاري  الارتري وكان مسئولا سابقا بجهاز الاستخبارات الارترية ، وحقوص قبر هوت بالقيام بالسفر إلي أوكرانيا للتوقيع  صفقة السلاح ،وقد رفضت الحكومة الارترية للجنة المراقبة  إجراء تحقيق مع كل من  اللواء هبتي سلاسي وحقوص قبر هوت بالرغم من طلبها المتكرر لذلك أثناء زيارتها إلي أسمرا ،  بينما سمحت بالتحقيق مع مدير البنك التجاري الارتري الذي اقر بزيارة اوكرنيا .

كما يوجه التقرير الاتهام إلي ارتريا بتصدير السلاح والألمنيوم إلي خارج ارتريا ويتحدث عن وجود شراكة في هذا المشروع بين قائد المنطقة الغربية الارترية الجنرال “تخلي منجوس” ومبارك سليم وزير سوداني سابق ينتمي إلي قبيلة الرشايدة الحدودية ،ويعتقد أن هذه المواد تمر عبر السودان إلي مصر وصولا إلي غزة .

هيكلة التمويل والمراقبة المالية للمؤسسات الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية الارترية:

وقد ركز التقرير في هذا الجانب متابعة طرق تمويل المشتريات العسكرية ،وهيكلة التمويل والمراقبة ،والشركات التابعة للجبهة الشعبية ،والضرائب المفروضة علي الارتريين في الخارج،وجهود التعبئة وعملية جمع التبرعات،الشبكات السرية للمشاريع التجارية والأعمال المصرفية للجبهة الشعبية ، تعيين القناصل  الفخر يون الأجانب وإقامة  شراكات تجارية معهم .

وانطلقت فلسفة معدي التقرير في هذا الجانب من أن هناك نظامان اقتصاديين متوازيين في إرتريا ،حيث يوجد من جهة الاقتصاد الرسمي الذي تديره الدولة بشكل ظاهري ،ومن جهة أخري يوجد نظام مالي غير شفاف يعمل في حد كبير خارج البلاد ، وتسيطر عليه عناصر الحزب الحاكم ومناصريهم ،ويتسم النظام المالي الرسمي بعجز مزمن في العملة الصعبة يصعب نظريا قدرته إلي تقديم أي دعم مالي للجماعات المسلحة .وأما الاقتصاد غير الرسمي الذي تسيطر عليه الجبهة الشعبية فيعد ارث في العديد من النواحي للنظام المالي الذي كانت تطبقه الجبهة الشعبية في مرحلة الثورة ،وفي ظل هذه الاقتصاد تنجز معاملات العملة الصعبة بمعدل اعلي كثيرا مما ينجزه الاقتصاد الرسمي ،ويكاد هذا الاقتصاد يدار بالكامل تقريبا من الخارج عن طريق شركات معقدة  عبر أفراد من مختلف الجنسيات عبر العديد من الشركات والحسابات المصرفية ، وأن الكثير من الذين يعملون في تلك الشركات لايجهرون بانتمائهم للجبهة الشعبية ،بل يمارس هؤلاء أنشطة مريبة أو غير مشروعة ،وبينما وزارة المالية والبنك المصرفي الارتري تسيطران علي الاقتصاد الرسمي ، فإن السيد حقوص قبر هويت المسئول عن  الاقتصاد بالجبهة الشعبية يتولي رئاسة الدائرة الضيقة التي تدير ذلك الاقتصاد غير الرسمي ، كما يعتبر السيد حقوص رئيس لجنة الرقابة لمداولات العملات الأجنبية في البلاد ،والمسئول عن ودائع الجبهة الشعبية الاحتياطية من العملة الصعبة في الخارج،  والمنسق بين مختلف طرق تدفق الأموال إلي داخل ارتريا وخارجها لاستيراد السلاح والمعدات العسكرية ،كما ينسب التقرير إلي حقوص مسؤولية اتخاذ قرار يقضي لتغيير سبل التحويلات المالية لإرتريا من الخارج لأنها أصبحت مكشوفة ومراقبة .

كما اعتبر التقرير مدينة دبي مركزا رئيسيا لشبكات المالية للجبهة الشعبية خارج ارتريا  ،حيث تقوم السفارات الارترية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتحويل أموال الضرائب إلي الملحق التجاري الارتري في دبي “محاري ودسلاسي ” ومن ثم يتم تحويلها الي حسابات سرية ،كما ينسق المسئولين الارتريين تكاليف مهامهم الخارجية عبر دبي .وقد أورد التقرير أسماء 6شركات تجارية منها شركة عبادي لمواد البناء ،وشركة مايكوم للتجارة العامة ، وشركة زار للتجارة العامة ، والعديد من رجال الأعمال الذين يعملون في دبي لصالح الجبهة الشعبية.

وعن الضرائب المفروضة علي الارتريين في الخارج أورد التقرير إن 1.2مليون ارتري أي 25%من سكان إرتريا يعيشون خارج بلادهم وإن حجم الضرائب التي يجمعها النظام منهم تتجاوز مئات الملايين سنويا وإن تلك الأموال خاصة في ارو ربا وأمريكا الشمالية يتم تحويلها إلي ايطاليا ومن ثم توزعها في أربعة بنوك في حسابات سرية في كل من ايطاليا وألمانيا ، وترى اللجنة إن تلك الضرائب غير شرعية وتتعارض مع الأعراف الدبلوماسية بين الدول .

كما تناول التقرير دور الشركات التجارية المختلفة للجبهة الشعبية  مثل شركة البحر الأحمر وهي الشركة الوحيدة المعتمدة رسميا من الحكومة للاستيراد احتياجات البلاد من الخارج ، وبنك الإسكان والتجارة ، ومؤسسة حدري التجارية وهي الشركة القابضة لكل الأعمال التجارية والإنشائية في داخل ارتريا ،وشركة هميبول ،وإري كوميرث وهي شركة تجارية مقرها لندن،وشركة بيتشي للأعمال التجارية والتي تتخذ من بروجيا إيطاليا مقرا لها وتعمل في تصدير الغيار والآليات إلي حوالي 100بلد مختلف ،ويعتبر اسمروم مكنون الممثل القانوني للشركة في إيطاليا ،وهو رجل أعمال يعمل بشكل وثيق مع الجبهة الشعبية ،وشريك تجاري للعقيد ولدي قبر سلاسي ،وحسب ماأورد التقرير فإن أفورقي زار مقر الشركة أثناء زيارته لايطاليا، كما اتهم التقرير قرماي  اوركي المقيم في ميلانو والذي يعتبر من المقربين الي الرئيس أسياس أفورقي والذي عمل علي مدى ثلاثون عاما وكيلا للشئون المالية والاستخبارية للجبهة الشعبية في ايطاليا بالإشراف علي العديد من المحلات التجارية المرتبطة بالجبهة الشعبية من ضمنها مطعم أفريقيا في ميلانو.

كما أورد التقرير أسم هيلي زرؤوم وهو من الأعضاء القليلين الذي تم تذكيتهم لعضوية البرلمان الارتري من الخارج ،وتسفاي باريوس ويسكن في أمريكا ويمتلك محطة وقود في ولاية فيرجينيا بواشنطن تقول اللجنة مرتبطة بانظام الحاكم في ارتريا ويعتبره التقرير شريكا تجاريا لحقوص قبر هويت ،كما اتهمت مارثا سليمان والتي تقيم في واشنطن  تمتلك استثمارات تجارية وعقارات في دبي بالعمل لصالح الجبهة الشعبية .

كما تناول التقرير ضمن الشبكات السرية للجبهة الشعبية تعيين شركاء  تحت غطاء قنصل فخري لإرتريا  ومن بين هؤلاء الايطالي “بيور دجبالي بروبيري” ويعمل قنصل فخري في ميلانو ،وعبد الله المترجي قنصل فخري في لبنان وهو رجل اعمال لبناني متهم بغسيل الأموال ،وشاكيل كاسمنروالا  في باكستان وهو رجل أعمال في مجال صناعة الطيران .

كما يتهم التقرير إرتريا بمداولة أعمال تجارية كبيرة في السودان تقدر بملايين الدولارات بطرق غير شرعية ووجه الاتهام لعندي برهان مسئول الأمن في السفارة الارترية بالخرطوم بالقيام بمهمة تحويل الأموال إلي الجهات الصومالية وجماعات وارموا الإثيوبية  ، علاوة عن قيام جهاز الاستخبارات الارتري  بنشاط تجاري  في جوبا يتمثل في إنشاء فنادق سياحية ،وشركات توزيع المياه ،وشركة ضمانات وذلك بالعمل مع شركاء محليين ،ويوصى التقرير كافة الدول المنطقة للعمل سويا من اجل تفادي مخاطر هذا الجهاز الذي  يشكل مشكلة كبيرة في منطقة القرن الأفريقي.

الدور الاثيوبي في حملة العقوبات الدولية :

ليس من باب المبالغة إذا قلنا إن إثيوبيا تقود حملة دولية ضد الحزب الحاكم في إرتريا ، تستغل في سبيلها وجود الاتحاد الإفريقي في عاصمتها كما أصبحت منظمة الإيغاد منذ تجميد الحزب الحكام عضوية ارتريا   فيها احد أهم  وسائل الضغط التي تستخدمها إثيوبيا ضد إرتريا لتضييق الخناق وتشويه صورة الحزب الحاكم في إرتريا ،وليس هذا مستغربا لأن النظامان يعيشان في حالة انتقام متبادل كل منهما يريد إرضاخ الأخر لشروطه في قضايا الخلاف بينهما  خاصة إثيوبيا وقد اتضحت شروطها لإعادة العلاقات بين البلدين في احدي وثائق ويكيليكس  الصادرة من السفارة الأمريكية بأديس أبابا نقلا عن المستشار الأمني للرئيس الوزراء الإثيوبي والتي المطلب الأبرز فيها اقتصادي ،  وإن مسودة العقوبات الحالية أيضا لم تعتمد فقط في تقرير لجنة مراقبة الصومال وإرتريا بل إن القرارات التي خرجت بها قمة الإيغاد التي انعقدت في أديس أبابا برئاسة رئيس الوزراء الإثيوبي في 4يوليو2011م هي الأخرى  تعتبر من أهم دوافع المجتمع الدولي لإعداد مشروع العقوبات الحالي ،بل إن القرارات التي سلمها الممثل  الدائم لإثيوبيا  لدي الأمم المتحدة   “تيكاد ألموا”  لمجلس الأمن باسم دول الإيغاد هي نفسها التوصيات التي خلصت إليها  لجنة المراقبة الدولية بشأن إرتريا ،كما قام نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي هيلي ماريام دسالني بزيارات مكررة في ثلاثة الشهور الأخيرة إلي نيويورك طالبا من ممثلي الدول الأعضاء فرض مزيد من العقوبات القاسية علي ارتريا ،كما قادت إثيوبيا وراء الكواليس  حملة دبلوماسية  بين الدول الأعضاء في المجلس  للعمل من اجل الحفاظ على مشروع وثيقة العقوبات بدون تعديل خاصة فيما يتعلق بمجال التعدين والضرائب ،وقد أشار وزير الخارجية الإثيوبي في إحدى لقاءاته الصحفية في أديس أبابا مؤخرا بأن إثيوبيا أصبحت تحقق إنجازات دبلوماسية مهمة ،وإنها عملت مع شركائها في المنطقة والغرب بتقديم المشروع الحالي إلي مجلس الأمن الدولي .

تعاطي الحكومة الارترية مع الضغوطات الدولية:

كثيرة البيانات والتوضيحات والخطابات التي تصدرها الحكومة الارترية هذه الفترة مما  يؤكد مدى الضغوط الكبيرة الذي تمر به هذه الفترة ،وبالرغم أن المجال لا يتسع لتناول كل ما صدر مؤخرا خاصة في موضوع العقوبات الأخيرة  لكن  بالمجل يمكن تلخيص موقف الحكومة الارترية فيما يلي :

ترى ارتريا  أنها تعاونت بإيجابية مع لجنة المراقبة الدولية ، وأنها سمحت لها بزيارة إرتريا ومكوث قرابة أسبوعين في البلاد ،كما أجابت كتابة علي جميع التساؤلات والاستفسارات التي وجهت إليها ،وسمحت للجنة بزيارة كل المواقع التي أرادت تفقدها ،ومع ذلك فإن إرتريا تشعر بالخيبة من تقرير الجنة ، الذي اعتمد علي معلومات مضللة واستنتاجات خاطئة تقف ورائها الدوائر الإثيوبية،وفبركات إعلامية تقوم بها  دوائر مشبوهة هدفها النيل من سيادة إرتريا واستقلالها،كما قدم يماني قبراب مستشار الرئيس الارتري في جلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير لجنة المراقبة الدولية العديد من الملاحظات علي التقرير  من أهمها تسريب التقرير قبل صدوره في أديس أبابا أثناء اجتماع منظمة الإيغاد ،ومنع ارتريا تسليم التقرير إلي حين صدروه بالرغم هي الجهة المعنية بالتقرير،فضلا عن افتقاد التقرير إلي أدلة قاطعة واعتماده علي معلومات ووقائع وردت  قبل صدور القرار الدولي 1907(2009)،كما تحدث عن عدم اهتمام لجنة المراقبة بالشكاوي التي قدمتها إرتريا و المتعلقة بالاحتلال الإثيوبي للأراضي الارترية ، واستضافة إثيوبيا منذ 11عاما  لـ16مجموعة معارضة ارترية مسلحة  قامت في السنتين الأخيرتين بـ30عملية عسكرية استهدفت قطاع التعدين في إرتريا،فضلا عن التهديد الإثيوبي للقيام بعمل عسكري لإسقاط النظام الحاكم في إرتريا، وتري إرتريا إنه من الظلم أن تكون إثيوبيا الخصم الدود لإرتريا والتي تعمل من اجل إسقاط النظام من يعتمد علي معلوماتها ، أو علي شهادات معتقلين خضعوا لتحقيق أجهزتها .

كما أصدرت الخارجية الارترية في 17 من أكتوبر2011م  منشور مطولا في 39صفحة بعنوان “رد الحكومة الارترية علي تقرير لجنة مراقبة الصومال وإرتريا” ،وقد سلمت نسخة من التقرير الارتري إلي مجلس الأمن الدولي ،وحاولت ارتريا الرد علي جميع ما ورد في تقرير لجنة المراقبة الدولية .

وعن  مقترح مشروع العقوبات الجديدة الذي قدمته دولة الغابون بعثت إرتريا بخطاب إلي مجلس الأمن الدولي في 2من أكتوبر2011م  جاء فيه إن الحكومة الإثيوبية تقف وراء مشروع العقوبات القاسية ،وأنها تقوم بذلك لأنها تعلم الوقت ليس من صالحها ، وإن الاجرءات التي تقوم بها تتعارض مع التوصيات التي خرجت بها قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت في غينيا الاستوائية في 17 من يوليو2011م ،وأبدت إرتريا أسفها لأن مجلس الأمن الدولي أصبح يهيأ الأجواء لإثيوبيا لكي تقوم بانتهاك الأعراف والمواثيق الدولية، وإنه لا يوجد في هذه المرحلة ما يدعو إلي فرض مزيد من العقوبات علي إرتريا ، وإن أي خطوة في هذا الاتجاه سوف لا تسهم في السلام الإقليمي والاستقرار والتعاون بين الدول ،بل إن ذلك سيدفع اثيوبيا للقيام بمزيد من العداء وإشعال الصراعات في منطقة القرن الأفريقي، كما رأت إرتريا في مشاركة الغابون ونيجيريا في تقديم مشروع القرار محاولة متعمدة لإعطائه صبغة افريقية،ورأت إن ذلك غير صحيح من الناحية الاجرائية وتشويه للحقائق الاجرائية ،وإن الاتحاد الأفريقي لم يدعوا إلي عقوبات إضافية علي إرتريا ، كما أن البلدان ليسا طرفا في المسائل المتنازعة عليها ، بل أن من وضعوا القرار الحالي هم أنفسهم في الواقع  وراء صياغة القرار1907(2009م)،كما هددت إرتريا بالقول أن تطبيق القرار الحالي قد يترتب عليه اثأر أمنية خطيرة  و يعطى الضوء الأخضر لإثيوبيا وغيرها من الدول التي تضمر نوايا حربية ضد إرتريا بأن تقوم متى شأت بتفتيش البضائع الموجهة إلي إرتريا ،وتعطيل خط الملاحة البحرية الارترية، كما رأت ارتريا في استهداف قطاع التعدين وسيلة لتعويق نمو الاقتصاد الارتري وكبح جماحه من الانطلاق إلي  الأمام . وطلبت إرتريا من مجلس الأمن التصرف بحيادية ونزاهة والقيام بمهامه بشان السلام والأمن ، كم دعت إلي إلغاء القرار(1907) الذي وصفته بأنه غير أخلاقي وقانوني ،وجميع الاجرءات التي تبعته وذلك علي أساس عادل ومنصف للحقائق علي أرض الواقع .

كما وصفت الخارجية الارترية في 11من نوفمبر2011م إن ما تقوم به الغابون ونيجيريا بتقديم المشروع بفرض عقوبات إضافية ضد إرتريا بصفتهما يمثلان أفريقيا خطوة خاطئة وغير قانونية ،حيث تم مناقشة القضايا التي تتعلق بشأن جيبوتي وإثيوبيا مع إرتريا في قمة مالايوا يوليو2011واتخذ بقرار بشأنها ،ولا يوجد في القرار الإفريقي ما يشير إلي مناقشة الموضوع في مجلس الأمن الدولي ،ولهذا إن نيجيريا والغابون ليسا مفوضان أفريقيان  للقيام بذلك ولا للحديث باسمه، وإذا كانا يعتقدان أنها مفوضان أفريقيان  فأنهما بذلك ينتهكان المبادئ الأساسية والاجرءات القانونية للاتحاد الأفريقي ،وأضاف البيان أن كل موضوع أفريقي  لكي يناقش في مجلس الأمن الدولي لابد أن يناقش قبله علي مستوي الممثلين الدائمين في الاتحاد الإفريقي ،ومجلس الأمن والسلم الإفريقي ،واجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي،ومن ثم إقراره في قمة الاتحاد الإفريقي، وإذ لم يتم ذلك فإن تلك الدول التي تتمتع بعضوية غير دائمة في المجلس من الأفارقة لا يمثلون أفريقيا بل يمثلون فقط دولهم .

أما ممثل إرتريا الدائم في الأمم المتحدة فقد اصدر بيانا جاء فيه إن إثيوبيا تقود حملة من أجل استصدار قرار لدولي لفرض عقوبات جديدة علي إرتريا، وتقوم بضغوطات علي الدول الأفريقية الثلاثة لتبني القرار وتقديمه في اجتماع طارئ للمجلس، وإنها تهدف من ذلك لتحقيق أهدافها الخفية التي تتمثل في تغيير النظام في إرتريا والحصول علي منفذ مائي في البحر الأحمر.

القرار 2023وأهم محتوياته :

كان من المفترض أن يتم التصويت علي مشروع القرار 2023(2011) في نهاية نوفمبر الماضي لكن تباين وجهات النظر بين الدول الأعضاء تسبب في رفع الجلسة وتأجيلها إلي الخامس من ديسمبر2011م الجاري ،وقد كان السبب الرئيسي في الخلاف بين الدول الأعضاء الخطابات الثلاثة المتتالية التي قدمتها إرتريا لمجلس الأمن الدولي  بطلب لسماح  للرئيس الارتري لحضور الجلسة والدفاع عن موقف نظامه،  وهو الطلب الذي رفضته أمريكا ودول منطقة القرن الأفريقي ،بينما اشترطت الصين وروسيا أهمية حضور أفورقي ،إلا أنه وبسبب ضيق الوقت وحصول أفورقي علي تأشيرة في وقت متأخر ورفض المجلس طلب التأجيل الإضافي الذي تقدمت به إرتريا  لم يمكن أفورقي من الحضور ،مما جعل الحكومة الارترية اتخاذ قرار بمقاطعة الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن  حيث غاب حتى ممثلها الدائم في الأمم المتحدة “أرأيا دستا” وذلك  استنكارا  لعدم تقدير المجلس لطلب رئيس دولة عضو في الأمم المتحدة ، و قدم المشروع للتصويت في الخامس من سبتمبر الجاري  وحظي بدعم ثلاثة عشرة دولة وامتناع اثنتين من التصويت هما الصين وروسيا بدون اعتراض من أي دولة أخري ، وقد جاء مشروع القرار بعد التعديلات الكبيرة علي خمسة صفحات،تحت عنوان : السلام والأمن في أفريقيا ،وتحت المادة السابعة من اختصاصات مجلس الأمن الدولي  ومن أهم ما جاء في القرار الدولي ما يلي:-

أعرب المجلس عن بالغ قلقه إزاء الاستنتاجات الواردة في تقرير فريق الرصد المعني بالصومال وإرتريا ،والذي أفاد بأن إرتريا مازالت تواصل تقديم الدعم السياسي والمالي والتدريب والدعم اللوجستي للجماعات المسلحة ، كما أدان المجلس الهجوم الإرهابي الذي خطط لتنفيذه في يناير2011م لتعطيل أعمال قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، كما أدان بشدة أي أعمال صادرة عن إرتريا ومن شأنها تقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة ،وقرر المجلس عدم امتثال إرتريا التام للقرارات الدولية السابقة، وتصرفاتها التي تعرقل السلام والمصالحة في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي ، واعتبر المجلس أيضا أن استمرارية النزاع بين جيبوتي وإرتريا مسألة تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين ،ودعا إرتريا أن تعمل من أجل تسوية النزاع الحدودي مع جيبوتي ،وأكد اعتزامه اتخاذ تدابير محددة الأهداف ضد الذين يعرقلون تنفيذ القرار1862(2009)، كما طالب من إرتريا أن تتيح معلومات بشأن المقاتلين الجيبوتيين المفقودين أثناء الاشتباكات التي وقعت بين البلدين في الفترة 10-12يونيو2008م ،وطلب أيضا من إرتريا وقف الجهود المباشرة وغير المباشرة الرامية إلي زعزعة الدول خاصة بتقديم المساعدات المالية والعسكرية والاستخبارية والمساعدات غير العسكرية مثل توفير التدريب والمواقع وسائر المرافق المماثلة للجماعات المسلحة ،أو جوزات السفر أو النفقات المعيشية أو تسيير إجراءات السفر .

كما طالب المشروع جميع الدول وخاصة دول المنطقة ضمان التنفيذ الدقيق لحظر الأسلحة المفروض علي إرتريا بموجب القرار 1907(2009) وذلك بالقيام بالتفتيش في أراضيها وأجوائها الجوية والملاحة البحرية كل الشاحنات المتوجهة إلي إرتريا أو المنطلقة منها ،وذلك وفق التشريعات المحلية وبما يتناسب مع القانون الدولي، و إذا كان لدول المعنية معلومات تتيح أساسا معقولا للاعتقاد بأن الشحنة تحتوي علي مواد محظورة استيرادها أو بيعها أو نقلها تبليغ الجنة المختصة في هذا الشأن في مجلس الأمن ، وقد أعرب المجلس عن اعتزامه تطبيق عقوبات محددة الأهداف ضد الأفراد الارتريين والكيانات إذا استوفت معايير الإدراج التي حددتها الجنة الدولية، وطلب من الجنة أن تستعرض مقترحات الإدراج في القائمة الواردة من الدول الأعضاء ،ووصف ذلك بالمسألة عاجلة .

وأدان المجلس قيام الحكومة الارترية بفرض ضريبة علي المواطنين الارتريين في الخارج ،واستخدامها في زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي،وانتهاك القرارات الدولية ذات الصلة ،لأغراض منها شراء الأسلحة  للجماعات المسلحة ،أو تقديم خدمات أو تحويلات مالية مباشرة او غير مباشرة ،وقرر علي ارتريا وقف جميع الممارسات.

كما قرر المجلس بأن علي إرتريا وقف استخدام الابتزاز والتهديدات باستخدام العنف والاحتيال وسائر الوسائل غير المشروعة لتحصيل الضرائب خارج إرتريا من مواطنيها أو من أشخاص ذو أصل إرتري،وقرر كذلك علي أن علي الدول اتخاذ كافة التدابير المناسبة لكي تحاسب وبما يتفق مع القانون الدولي الأفراد الموجدين في أرضيها والذين يتصرفون بشكل رسمي وغير رسمي نيابة عن الحكومة الارترية أو الجبهة الشعبية، بما يخالف  أشكال الحظر المفروضة ويتعارض مع قوانين الدول المعنية ، وطالب من الدول أن تتخذ ما يلزم من الاجرءات وفقا لقوانينها المحلية والدولية ذات الصلة بما فيها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م لمنع هؤلاء الأشخاص من تسهيل ارتكاب المزيد من الانتهاكات.

وأعرب القرار عن القلق من احتمال استخدام قطاع التعدين كمصدر مالي لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي ، وطلب من إرتريا التحلي بالشفافية في شؤونها المالية العامة ،بالتعاون مع فريق الرصد لتثبت أن عائدات أنشطة التعدين لاستخدم لانتهاك القرارات الدولية ذات الصلة بإرتريا ،كما دعي الدول لكي تحول دون إسهام أموال قطاع التعدين في انتهاك القرار،وذلك باتخاذ التدابير المناسبة لتعزيز توخى اليقظة من جانب مواطنيها والأشخاص الخاضعين لولايتها والشركات المنشأة علي أرضها أو الخاضعة لها ،والذين لهم معاملات تجارية مع إرتريا ،وذلك بوسائل منها إصدار مبادئ توجيهية للعناية الواجبة،وطلب في هذا الصدد أن تصوغ اللجنة بمساعدة فريق الرصد مبادئ توجيهية يمكن أن تستخدمها الدول الأعضاء ، كما حث القرار جميع الدول لمنع تقديم أي خدمات مالية،بما فيها خدمات التأمين أو تحويل أي أصول أو موارد مائية أو غيرها إلي أراضيها أو عبرها أو رعاياها،إذا كانت تلك الخدمات أو الأصول أو المواد بما فيها الاستثمارات الجديدة في قطاع الصناعات الإستراتيجية يمكن أن تسهم في انتهاك القرارات الدولية الصادرة ضد إرتريا .

كما طلب المجلس من جميع الدول أن تبلغ مجلس الأمن في غضون (120)يوما بالخطوات التي تتخذها لتنفيذ أحكام القرار، وقرر أيضا تمديد ولاية فريق الرصد التي تم تجديدها لتشمل رصد تنفيذ التدبير في القرار والإبلاغ، كما حث القرار جميع الدول والهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة وسائر الأطراف المهتمة بالتعاون مع لجنة الرصد بتوفير المعلومات بشأن انتهاكات التدابير التي حددت في كافة القرارات الدولية ضد ارتريا وعدم الامتثال بها .

وأكد المجلس أنه سيبقي تصرفات إرتريا قيد الاستعراض المستمر وأنه سيكون علي استعداد لتكثيف التدابير ، بما في ذلك تشديدها أو تعديلها أو إلغائها في ضوء مدي امتثال ارتريا لإحكام القرارات الدولية ،كما طلب من الأمين العام أن يقدم في غضون (180)يوما تقرير عن مدي امتثال ارتريا لأحكام القرارات الدولية .

ويعتبر القرار الدولي تمديد للعقوبات السابقة لمدة عامين قادمين  فضلا عن إضافة بعد الاجرءات الرقابية في مجال التعدين والتحويلات المالية وخط الملاحة الجوية والبحرية الارترية ، وكان من المتوقع حسب المسودة التي قدمتها دولة الغابون بدعم من نيجيريا أن تكون هذه العقوبات أكثر قسوة لكن ثمة مواقف بعد  الدول خاصة  الغربية رأت أن الهدف الرئيسي من تشديد العقوبات علي النظام الحاكم في إرتريا بسبب نشاطه في المنطقة ، وأنه من الممكن إيجاد وسائل أخري لتحقيق ذلك الهدف، كما لعبت الصين وروسيا أيضا دورا كبيرا في تخفيف مستوي العقوبات خاصة في قطاع التعدين وضرائب الارتريين في الخارج ، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة وجود ثمة تعاطف دولي مع النظام الحاكم في ارتريا ،فقد حذرت ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن قائلة إن المجتمع الدولي بعث برسالة واضحة لإرتريا من خلال هذه القرار ،كما حذر مندوب بريطانيا إرتريا من عقوبات أضافية في حالة عدم التزامها بالقرارات الدولية.

لكن ثمة سؤال يطرح نفسه ما أثر تلك العقوبات علي الوضع الداخلي في إرتريا ،لاشك أن تلك العقوبات ستضعف الحزب الحاكم وستحدد من نشاطه الخارجي وخاصة علي مستوي دول الجوار ، كما أنها  ستؤثر أيضا علي المؤسسات المالية للحزب ، ولكن من غير المتوقع أن تكون لهذه العقوبات أثار كبيرة علي الوضع الداخلي في إرتريا، خاصة في اتجاه دفع النظام للقيام بإصلاحات سياسية ،والسبب ليس من الدوافع الرئيسية لهذه العقوبات معاقبة النظام بسبب الأخطأ الكبيرة التي ارتكبها ومازال يرتكبها في حق الشعب الارتري ،وذلك بالرغم من أن  قضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان من صميم مهام مجلس الأمن الدولي  والذي يتوجب علي المجتمع الدولي الاهتمام بها والمطالبة بتحقيقها في دول تغيب عنها تلك المعاني بالرغم من أهميتها ،كما أن من أهم قصور هذه القرارات الدولية أنها لا تقر بوجود صراح حميم بين النظامين الحاكمين في إرتريا وإثيوبيا وإن هذا الصرع يؤخذ أشكالا مختلفة من بينها الصراع في الصومال ومناطق أخري ،وإنه من المفترض أن يتم إيجاد حل للنزاع الحدودي بين الدولتين  بناء علي تطبيق قرار لجنة الحدود الدولية الارترية الإثيوبية، كما أنه من الواضح أن الشعب الارتري بالرغم إن شر تلك العقوبات ستصيبه فإنه غير معني بها لأنه ليس جزء في الصراع الحالي بين النظام والمجتمع الدولي .

للتواصل مع الكاتب:

tahira@ymail.com

Shares

Related Posts

Archives

Cartoons

Shares